مرثية الجرح العربي

مداخلة نقدية حول الاتجاه التشكيكي بإبداعات الإمام الشهيد الصدر(رض)

من دم مطفأ يجيءُ النهارُ***فاحتضار البركـان ومضٌ ونــارُ
وبحضن الجراح يختبـئ الطوفـان طفلاً… ويُولَــدُ الإِعصــارُ
فهي بوّابة التـمرّدِ… تقتـات الشـظايــا لتهـطـلَ الامطــارُ
وهي صمتٌ… يهزٌّ أعماقَهُ الرعدُ… وتدوي بضفّتيه البحـارُ
ليس موتاً هذي الدماء… فللجرح غموضٌ… تلفهُ الاسـرارُ
يتبع الخِصـبُ خَطْـوَهُ اينمـا مـرَّ… وتمشـي وراءَه الانهــارُ
كيف صارت للملحِ رائحةُ الوردِ المندى فاخضـرَّ حتـى الغبـارُ ؟
كيف رنّت معزوفـةُ الوجـعِ المـرِّ… وجُنّت بلحنهـا القيثـارُ ؟
وصحت أنّةٌ جنازتهـا اللحـنُ… وأشـبـاحٌ موتُـهـا الأوتـارُ
فاذا اليأسُ رغبةٌ ، وانهيـارُ الروحِ رفـضٌ… وخـوفُنـا إصـرارُ
ها هـو الجـرح يفتـح الزمـنَ المغلـقَ فينـا ، فـتسقط الاسـوارُ
وهجُ الشـمسِ لونُهُ… ونِثـار الـدمِ منّا الـنجومُ… والاقمـارُ
شاءَ جلاّدنا وشاءَتْ جراحٌ***والجراحـات وحدهـا الأقـدارُ
خشع الموت وهو يطوي جناحيكَ… أيُرخى على الخلـودِ ستـارُ ؟
افتعنو منـائر الله للـريـحِ… ويلـوي قاماتِهـا الانكسـارُ؟
أنت خلـف الـحروفِ ظـلٌّ سـماويٌّ ورؤيـاك مـاردٌ جبّـارُ
ووراء الخنـاجر البيضِ… أنت الحبُّ والأمنيـات والسُّـمّـارُ
حملَتْ لونـَكَ الـمرافئُ والمـوجُ… فأنـت الشـراعُ والبحّـارُ
وارتوت دفـأكَ الـينابيعُ… واشتاقك رمـلٌ معذَّبٌ وقفـارُ
وارتديتَ الـربيعَ فاستغفر الماءُ ابتهـالاً… وصلّت الاشـجـارُ
ورمـتْ عندك الـقوافـلُ أجراسـاً وأَلقـتْ أَتعـابَهـا الاسـفــارُ
فاحتضنت المعذّبين ، عصـافيـر مسـاء ضـاقت بهـا الأوكــارُ
ورمتها الاغصـانُ للـجوعِ حتى***كلّ عشب في قلبها مسمـارُ
أنت فـاجأتَ موتَنـا فأفَقْنا***بعد ان شـدَّ نبضَنا الاحتضـارُ
في خيـام الضباب عريُ الصحارى ولنا في الضباب أهلٌ ودارُ
ولنـا فـي مواسـم القحـط ناعورةُ ماء ، وصبيـةٌ ، وجِـرارُ
ولنـا فـي مقابـر الشـمس اشـلاءُ خيـول لـم يلـوِهِنَّ العثـارُ
فلـماذا يضيع لـون الـقناديـلِ ويُخفـي الاشـياءَ وَحْـلٌ وقـارُ ؟
ولمـاذا يسـافر البـحرُ عنـا***ويلـمّ الشـواطـئَ الـمحّـارُ
وعدنـا ان نشـدَّ أشـرعةً خضـراءَ يعيـا بـهـا المـدى ويَحـارُ
يالَمَوتِ اللقـاءِ غادَرَنـا الموعـدُ سـّراً… وغـادَرَ المشـوارُ
ورجعنا نسيرُ مثل التوابيت مَضى***خلـفها أسـىً واعتذارُ
نحن حلـمُ الارض الجريحـة يطـويه ضيـاعٌ وغربـةٌ وانتظـارُ
تحتسي صوتَه الريـاحُ… ويبنيـه فضـاءٌ ممزّقٌ… منهـارُ
طعنته المنى… فمازال شلواً***وعلى وجههِ يسـيل العـارُ
عمـرهُ رحلـةٌ مـع المـوتِ تحـدوهُ دروبٌ مخبـولةٌ وانتـحارُ
نحن حلمُ الفراغِ… قافلةٌ حيرى تخاف السرى… وخطوٌ معارُ
فتدفّقْ نافورةً في الشـرايين… لتهوي في روحِنـا الاحجـارُ
وتسلّلْ كالضوءِ تورقْ حناناً***نـافذاتٌ مسمورةٌ وحصـارُ
للشـراع الغريـق نرفـو أمـانينـا وقـد أطفـأ العيـونَ الـدوارُ
لشحوب الميناء نشعل عرش الشـمع برقـاً حتى يضيءَ المنـارُ
ونسمي الرماد ورداً ليصحو***نورسٌ متعبٌ وأرضٌ بوارُ
ونقول : السماءُ ابعادُنا الاخرى اذا ضـاق فـي التراب المدارُ
آنَ للجـرح أن يـرى فـي طقوس المـوت دمعاً هدوؤه تيّـارُ
آنَ… لكـنَّ خَلفنـا أوجهـاً تنـهش فيهـا القبـورُ والحفّارُ
والشـفاه الخرساءُ ان عزفت لحنَ التحدِّي… تهشَّمَ المزمـارُ

 جواد جميل