کمیة الإنفاق في الإسلام وکیفیته

 

وكما وضع الإسلام قيوداً على تبادل المال كذلك وضع قيوداً على الإنفاق لإشباع الحاجات، وذلك بتحريم الإسراف‏ وتحريم التبذير. و [تحريم‏] الإسراف يمثّل تحديداً كمّياً لنفقات المعيشة، إذ لا يسمح لأيِّ فردٍ في المجتمع الإسلامي أن يتجاوز الحدود المألوفة من إشباع الحاجات في مجتمعه، فإذا تجاوزها اعتبر ذلك إسرافاً ووجب على الدولة منعه..

والإسراف على ضوء ما ذكرناه أمر نسبيّ يتأثّر بدرجة الرخاء العامّ في المجتمع، فكلّما كانت درجة الرخاء المألوفة عموماً أكبر كان الإسراف يعني تجاوز تلك الدرجة بصورةٍ حادّة، بينما نفس هذه الدرجة تعتبر إسرافاً في مجتمعٍ أقلّ رخاءً على العموم.

وأمّا [تحريم‏] التبذير فهو يمثّل تحديداً كيفيّاً للتصرّف؛ إذ لا يسمح لأيِّ فردٍ بأن يصرف المال في نزواتٍ غير مقبولةٍ واندفاعاً مع خواطر غير متّزنةٍ في العرف الإسلامي العام، من قبيل أن ينفق جزءاً من أمواله على إعالة مجموعةٍ من الكلاب أو على ألعابٍ رخيصة، ونحو ذلك من الأغراض غير الرشيدة.

وفي مقابل منع الفرد في المجتمع الإسلامي من ألوان الإسراف والبذخ قام الإسلام بحثِّه على التطوّع بما زاد على حاجته المعقولة للجماعة ومصالحها وإنفاقه في سبيل اللَّه تعالى‏. قال اللَّه تعالى: «يَسْأ لُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ» [البقرة: ٢١٩] أي: ما زاد على الحاجة.

 

🔸 الإسلام یقود الحیاة، ص ١٠٦.