ظاهرة الإمامة وشکلیها الربانیین

والإمامة ظاهرة ربّانية ثابتة على مرّ التأريخ، وقد اتّخذت شكلين ربّانيّين:

أحدهما: شكل النبوّة التابعة لرسالة النبيّ القائد، فقد كان في كثيرٍ من الأحيان يخلف النبيّ الرّسول أنبياءٌ غير مرسلَين يكلَّفون بحماية الرسالة القائمة ومواصلة حملها، وهؤلاء أنبياء يوحى‏ إليهم، وهم أئمّة بمعنى أ نّهم أوصياء على الرسالة وليسوا أصحاب رسالة: «وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وكُلًاّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ* وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ» [الأنبیاء: ٧٢-٧٣]، «وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَني إسْرَائِيلَ* وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ» [السجدة: ٢٣-٢٤].

والشكل الآخر: هو الوصاية بدون نبوّة، وهذا هو الشكل الذي اتّخذه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بأمرٍ من اللَّه تعالى، فعيَّن أوصياءه الاثني عشر من أئمّة أهل البيت، ونصّ على وصيّه المباشر بعده عليِّ بن أبي طالبٍ في أعظم ملًا من المسلمين.

ولعلّ الذي يحدِّد هذا الشكل أو ذاك مدى إنجاز الرسول القائد لتبليغ رسالته، فإذا كان قد أكمل تبليغها أخذت السماء بالشكل الثاني، كما هو الحال بالنسبة إلى سيّد المرسلين كما نصّ القرآن الكريم: «الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينَاً» [المائدة: ٣]. وإذا كانت الرسالة والثورة بحاجةٍ إلى وحيٍ مستمرٍّ واتصالٍ مباشرٍ بما تتنزّل به الملائكة من قرارات السماء اتّخذ الشكل الأول.

 

الإسلام يقود الحياة(موسوعة الشهيد الصدر ج‏٥)، ص: ١٥٥.