ولم يقتصر الإسلام على شجب أهداف الجاهلية وقيمها عن الحياة، بل وضع بدلًا عنها الهدف الذي يجب أن تسير في اتّجاهه. قال سبحانه وتعالى:
«تَبَارَكَ الّذي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ* الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ» [الملك: ١-٢]، فبدلًا عن الأكثر مالًا والأخلد ثروةً وضع الأحسنَ عملًا هو المثل الأعلى والهدف الأول، وَحثّ اللَّه تعالى الجماعة البشرية التي تولّى الأنبياء تربيتها وإعدادها على التنافس في مجال هذا الهدف والتسابق في العمل الصالح: «وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ» [المطففین: ٢٦].
ولكي يقوم هذا الهدف الجديد على أساسٍ واقعيّ ومتينٍ أعطى الإسلام نظرةً جديدةً إلى الساحة، فربطها بعالمٍ غير منظورٍ حسياً وأكّد على خلود العمل- بدلًا عن المال والثروة- عبر ذلك العالم غير المنظور وامتداده في أعماق نفس الإنسان العامل وتبلوره في النهاية بالطريقة التي تنظّم بها الأعمال في ذلك العالم الحقّ؛ وبهذا خلق في الإنسان الشعور بأنّ خلوده وبقاءه بالعمل الصالح، لا بادّخار المال واكتناز الثروة..
الإسلام یقود الحیاة، ص ٤٠.



