بحدوث الشيء والشكّ ببقائه، فإنّ النقض يصدق مع الوحدة الذاتيّة وتجريد كلّ من اليقين والشكّ عن خصوصيّة الزمان، كما تقدّم، وقد ترتّب على هذا الركن عدّة امور:
نذكر منها: ما قد لوحظ من أنّ هذا الركن يمكن تواجده في الشبهات الموضوعيّة بأن تشكّ في بقاء نفس ما كنت على يقينٍ منه، ولكن من الصعب الالتزام بوجوده في الشبهات الحكميّة؛ وذلك لأنّ الحكم المجعول تابع في وجوده لوجود القيود المأخوذة في موضوعه عند جعله، فإذا كانت هذه القيود كلّها متوفّرةً ومحرزةً فلا يمكن الشكّ في وجود الحكم المجعول، وما دامت باقيةً ومعلومةً فلا يمكن الشكّ في بقاء الحكم المجعول، وإنّما يتصوّر الشكّ في بقائه بعد اليقين بحدوثه إذا أحرز المكلّف في البداية أنّ القيود كلّها موجودة، ثمّ اختلّت خصوصيّة من الخصوصيّات في الأثناء، واحتمل المكلّف أن تكون هذه الخصوصيّة من تلك القيود، فإنّه سوف يشكّ حينئذٍ في بقاء الحكم المجعول؛ لاحتمال انتفاء قيده.
ومثال ذلك: أن يكون الماء متغيّراً بالنجاسة فيعلم بنجاسته، ثمّ يزول التغيّر الفعليّ فيشك في بقاء النجاسة؛ لاحتمال أنّ فعليّة التغيّر قيد في النجاسة المجعولة شرعاً، وفي هذه الحالة لو لاحظ المكلّف بدقّةٍ قضيّته المتيقّنة وقضيّته المشكوكة لرآهما مختلفتين؛ لأنّ القضيّة المتيقّنة هي نجاسة الماء المتّصف بالتغيّر الفعليّ، والقضيّة المشكوكة هي نجاسة الماء الذي زال عنه التغيّر الفعليّ، فكيف يجري الاستصحاب؟
وقد ذكر المحقّقون: أنّ الوحدة المعتبرة بين المتيقّن والمشكوك ليست وحدةً حقيقيّةً مبنيّةً على الدقّة والاستيعاب، بل وحدة عرفيّة على نحوٍ لو كان المشكوك ثابتاً في الواقع لا عتبر العرف هذا الثبوت بقاءً لِمَا سبق، لا حدوثاً لشيء