وقد حاول المحقّق النائينيّ رحمه الله[1] أن يُخرّج ذلك على أساس قيام الأمارات مقام القطع الموضوعيّ، فاليقين هنا جزء الموضوع للاستصحاب، فهو قطع موضوعيّ وتقوم مقامه الأمارة.
وهناك من أنكر ركنيّة اليقين بالحدوث[2] واستظهر أ نّه مأخوذ في لسان الدليل بما هو معرّف ومشير إلى الحدوث، فالاستصحاب مترتّب على الحدوث لا على اليقين به، والأمارة تثبت الحدوث فتنقّح بذلك موضوع الاستصحاب.
وأمّا الركن الثانيّ- وهو الشكّ- فمأخوذ أيضاً في لسان الدليل، والمراد به مطلق عدم العلم، فيشمل حالة الظنّ أيضاً بقرينة قوله: «ولكن انقضه بيقينٍ آخر»، فإنّ ظاهره حصر ما يسمح بأن ينقض به اليقين باليقين.
والشكّ: تارةً يكون موجوداً وجوداً فعليّاً، كما في الشاكّ الملتفت إلى شكّه. واخرى يكون موجوداً وجوداً تقديريّاً، كما في الغافل الذي لو التفت إلى الواقعة لشكّ فيها، ولكنّه غير شاكٍّ فعلًا لغفلته.
ومن هنا وقع البحث في أنّ الشكّ المأخوذ في موضوع دليل الاستصحاب هل يشمل القسمين معاً، أو يختصّ بالقسم الأوّل؟ فإذا كان المكلّف على يقينٍ من الحدث ثمّ شكّ في بقائه وقام وصلّى ملتفتاً إلى شكّه فلا ريب في أنّ استصحاب الحدث يجري في حقّه وهو يصلّي، وبذلك تكون الصلاة من حين وقوعها محكومةً بالبطلان، وفي مثل هذه الحالة لا يمكن للمكلّف إذا فرغ من صلاته هذه أن يتمسّك لصحّتها بقاعدة الفراغ؛ لأنّها إنّما تجري في صلاةٍ لم يثبت الحكم ببطلانها حين إيقاعها.
وأمّا إذا كان المكلّف على يقينٍ من الحدث، ثمّ غفل وذهل عن حاله وقام
[1] فوائد الأصول 3: 21- 22
[2] كالسيّد المجاهد في مفاتيح الاصول: 658