الاولى: أن يراد باسم الموصول: الشيء، سواء كان تكليفاً أو موضوعاً خارجيّاً.
واعترض على ذلك: بأنّ إسناد الرفع إلى التكليف حقيقيّ؛ لأنّه قابل للرفع بنفسه، وإسناده إلى الموضوع مجازيّ وبلحاظ حكمه، ولا يمكن الجمع بين الإسناد الحقيقيّ والمجازيّ في استعمالٍ واحد.
والجواب: أنّ إسناد الرفع إلى التكليف ليس حقيقيّاً أيضاً؛ لِمَا عرفت سابقاً من أ نّه رفع ظاهريّ لا واقعيّ، فالإسنادان كلاهما عنائيّان.
الثانية: أن يراد باسم الموصول التكليف المجعول، وهو مشكوك في الشبهة الحكميّة والموضوعيّة معاً، وإنّما يختلفان في منشأ الشكّ، فإنّ المنشأ في الاولى عدم العلم بالجعل، وفي الثانية عدم العلم بالموضوع.
والمعيّن للاحتمال الثالث بعد تصوير الجامع هو الإطلاق، فتتمّ دلالة حديث الرفع على البراءة ونفي وجوب التحفّظ والاحتياط.
ومنها: رواية زكريّا بن يحيى، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أ نّه قال: «ما حجب اللَّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم»[1].
فإنّ الوضع عن المكلّف تعبير آخر عن الرفع عنه، فتكون دلالة هذه الرواية على وزان دلالة الحديث السابق، ويستفاد منها نفي وجوب التحفّظ والاحتياط.
وقد يلاحظ على الاستدلال أمران:
أحدهما: أنّ الحجب هنا اسند إلى اللَّه تعالى، فيختصّ بالأحكام المجهولة التي ينشأ عدم العلم بها من قبل الشارع، لإخفائه لها، ولا يشمل ما تشكّ فيه عادةً من الأحكام التي يحتمل عدم وصولها لعوارض اتّفاقيّة.
[1] وسائلالشيعة 27: 163، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 33