فقيل: إنّ مرجعه إلى التخيير العقليّ[1]، بمعنى أ نّه وجوب واحد متعلّق بالجامع بين الشيئين تبعاً لقيام الملاك به، سواء كان هذا الجامع عنواناً أصيلًا، أو عنواناً انتزاعيّاً كعنوان (أحدهما).
وقيل: إنّ مرجعه إلى وجوبين مشروطين[2]، بمعنى أنّ كلّاً من العِدلين واجب وجوباً مشروطاً بترك الآخر، ومردّ هذين الوجوبين إلى ملاكين وغرضين غير قابلين للاستيفاء معاً، فمن أجل تعدّد الملاك وقيام ملاكٍ خاصّ بكلٍّ من العِدلين تعدّد الوجوب، ومن أجل عدم إمكان استيفاء الملاكين معاً جعل الوجوب في كلٍّ منهما مشروطاً بترك الآخر.
وقد لوحظ على التفسير الثاني بأنّ لازمه:
أوّلًا: تعدّد المعصية والعقاب في حالة ترك العِدلين معاً[3]، كما هو الحال في حالات التزاحم بين واجبين لو تركهما المكلّف معاً.
وثانياً: عدم تحقّق الامتثال عند الإتيان بكلا الأمرين، إذ لا يكون كلّ من الوجوبين حينئذٍ فعليّاً[4]، وكلا اللازمين معلوم البطلان.
وتوجد ثمرات تترتّب على تفسير الوجوب التخييري بهذا الوجه أو بذاك، وقد يذكر منها: جواز التقرّب بأحد العِدلين بخصوصه على التفسير الثاني؛ لأنّه متعلّق للأمر بعنوانه، وعدم جواز ذلك على التفسير الأوّل؛ لأنّ الأمر متعلّق بالجامع، فالتقرّب ينبغي أن يكون بالجامع المحفوظ في ضمنه، كما هي الحالة في سائر موارد التخيير العقليّ.
[1] قاله المحقّق الخراساني في كفاية الاصول: 174
[2] نقله الاصوليّون في كتبهم كالمحقّق النائيني رحمه الله راجع فوائد الاصول 2: 232
[3] فوائد الاصول 2: 234
[4] راجع: نهاية الدراية 2: 270