المخالفة للفظه فتصدق على مخالفة ظاهره، وإن كان المراد بها المخالفة لواقع مضمونه فمقتضى الإطلاق المقاميّ إمضاء ما عليه العرف من موازينَ في استخراج المضمون؛ فيدلّ على حجّيّة الظهور.
وأوضح من ذلك: ما دلّ على طرح ما ورد عنهم: على الكتاب والإحجام عن العمل بما كان مخالفاً له[1]، فإنّه لا يحتمل فيه أن يراد منه المخالفة للمضمون القرآنيّ المكتشَف بالخبر؛ لأنّه بصدد بيان جعل الضابط لما يُقبل وما لا يُقبل من الخبر. كما أ نّه لا يحتمل اختصاص المخالفة فيه بالمخالفة للنصّ؛ لندرة الخبر المخالف للنصّ، وكون روايات طرح المخالف ناظرةً إلى ما هو الشائع من المخالفة.
فإن قُدّمت هذه الروايات الدالّة على حجّيّة ظواهر الكتاب على الروايات التي استدلّ بها على نفي الحجيّة فهو، وإن تكافأ الفريقان فعلى الأقلّ يلتزم بالتساقط، ويقال بالحجّيّة حينئذٍ؛ لأنّ الردع غير ثابتٍ فتثبت الحجّيّة بالسيرة العقلائيّة بصورةٍ مستقلّة، أو بضمّ استصحابِ مفادها الثابت في صدر الشريعة.
الدليل الثالث: ومردّه إلى إنكار الظهور، بدعوى أنّ القرآن الكريم مجمل:
إمّا لتعمّدٍ من اللَّه تعالى في جعله مجملًا لتأكيد حاجة الناس إلى الإمام، وإمّا لاقتضاء طبع المطلب ذلك؛ لأنّ علوّ المعاني وشموخها يقتضي عدم تيسّرها للفهم.
والجواب على ذلك: أنّ التعمّد المذكور على خلاف الحكمة من نزول القرآن، وربط الناس بالإمام فرع إقامة الحجّة على أصل الدين المتوقّفة على فهم القرآن
[1] الوسائل 27: 112 و 118، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 19 و 29