وإرجاعهم.
وثانياً: أنّ هذه الروايات معارضة للكتاب الكريم الدالّ على أ نّه نزل تبياناً لكلّ شيءٍ وهدىً وبلاغاً[1]، والمخالف للكتاب من أخبار الآحاد لا يشمله دليل حجّيّة خبر الواحد، كما أشرنا سابقاً.
الطائفة الثانية: ما دلّ من الروايات على عدم جواز الاستقلال في فهم القرآن عن الحجّة[2]، وهذه لا تدلّ على عدم جواز العمل بظاهر الكتاب بعد الفحص في كلمات الأئمّة، وعدم الظفر بقرينةٍ على خلاف الظاهر؛ لأنّ هذا النحو من العمل ليس استقلالًا عن الحجّة في مقام فهم القرآن الكريم.
الطائفة الثالثة: ما دلّ من الروايات على النهي عن تفسير القرآن بالرأي، وأنّ مَن فسّر القرآن برأيه فقد كفر[3].
وقد اجيب على الاستدلال بها: بأنّ حمل اللفظ على معناه الظاهر ليس تفسيراً؛ لأنّ التفسير كشف القناع، ولا قناع على المعنى الظاهر.
وقد يقال: إنّ هذا الجواب لا ينطبق على بعض الحالات حينما يكون الدليل مشتملًا على ظواهر اقتضائيّةٍ عديدةٍ متضاربة، على نحوٍ يحتاج تقدير الظهور الفعليّ المتحصّل من مجموع تلك الظواهر بعد الموازنة والكسر والانكسار إلى نظرٍ وإمعان، فيكون لوناً من كشف القناع.
ولهذا نرى أنّ الفقهاء قد يختلفون في فهم دليل، فيُفهم بشكلٍ من فقيه، ويأتي فقيه آخر فيبرز نكتةً من داخل الدليل تعيّن فهمه بشكلٍ آخر على أساس ما
[1] كقوله تعالى:« وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ» النحل: 89
[2] وسائل الشيعة 27: 177 و 183 و 186، الباب 13 من أبواب صفات القاضي، الاحاديث 3 و 20 و 27
[3] وسائل الشيعة 27: 176، الباب 13 من أبواب صفات القاضي