قيام الخبر على التكليف، ولا تثبت جعل الشارع الحجّية للخبر.
نعم، بناءً على مسلك قبح العقاب بلا بيانٍ يكشف ما ذكر عن الجعل الشرعيّ، إذ لولا الجعل الشرعيّ لجرت قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وثالثاً: أنّ الآية الكريمة لو دلّت على حجّيّة قول المنذر شرعاً فإنّما تدلّ على حجّيّته بما هو رأي ونظر لا بما هو إخبار وشهادة؛ لأنّ الإنذار يعني مزج الإخبار بتشخيص المعنى واقتناص النتيجة.
ومنها: آية الكتمان، وهي قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ»[1].
وتقريب الاستدلال بها: أ نّها تدلّ بالإطلاق على حرمة الكتمان ولو في حالة عدم ترتّب العلم على الإبداء، وهذا يكشف عن وجوب القبول في هذه الحالة؛ لأنّ تحريم الكتمان من دون إيجاب القبول لغو، ووجوب القبول مع عدم العلم يساوق حكم الشارع بالحجّية.
والجواب على ذلك:
أوّلًا: أنّ الكتمان إنّما يصدق في حالة الإخفاء مع توفّر مقتضيات الوضوح والعلم، فلا يشمل الإطلاق المذكور عدم الإخبار في موردٍ لا تتوفّر فيه مقتضيات العلم.
وثانياً: أنّ تعميم حرمة الكتمان لعلّه بدافع الاحتياط من قبل المولى؛ لعدم إمكان إعطاء قاعدةٍ للتمييز بين موارد ترتّب العلم على الإخبار وغيرها، فإنّ الحاكم قد يوسّع موضوع حكمه الواقعيّ بدافع الاحتياط، وهذا غير الأمر
[1] البقرة: 159