مبنيّة على أنّ المعصوم هل يجوز في حقّه ترك الأولى وفعل المكروه، أو يجوز حتّى التكرار والمواظبة على ذلك، أو لا يجوز شيء من هذا بالنسبة إليه؟
و يلاحظ: أ نّه على تقدير عدم تجويز ترك الأولى على المعصوم:
إمّا مطلقاً أو بنحو المواظبة على الترك نستطيع أن نستفيد من الترك عدم استحباب المتروك، كما نستفيد من الفعل عدم كونه مكروهاً، وعدم كون الترك مستحبّاً.
وتبقى هناك نقطة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهي: أنّ هذه الدلالات إنّما تتحقّق في إثبات حكمٍ للمكلّف عند افتراض وحدة الظروف المحتمل دخلها في الحكم الشرعيّ، فإنّ الفعل لَمّا كان دالّاً صامتاً وليس له إطلاق فلا يعيّن ما هي الظروف التي لها دخل في إثبات ذلك الحكم للمعصوم، فما لم نحرز وحدة الظروف المحتمل دخلها لا يمكن أن نثبت الحكم.
ومن هنا قد يثار اعتراض عامّ فيالمقام، وهو: أنّ نفس النبوة و الإمامة ظرف يميِّز المعصوم دائماً عن غيره، فكيف يمكن أننثبت الحكم على أساس فعل المعصوم؟
والجواب على ذلك: أنّ احتمال دخل هذا الظرف في الحكم المكتشف ملغيّ بقوله تعالى: «لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»[1]، وما يناظره من الأدلّة الشرعيّة الدالّة على جعل النبيّ والإمام عليهما السلام قدوة[2]، فإنّ فرض ذلك يقتضي إلغاء دخل النبوّة والإمامة في سلوكهما لكي يكون قدوة لغير النبيّ والإمام، فما لم يثبت بدليلٍ أنّ الفعل المعيَّن من مختصّات النبيّ والإمام يبنى على عدم الاختصاص.
[1] الأحزاب: 21
[2] بحار الأنوار 92: 96، الحديث 58 و 102: 163