وندرسه الآن بعد أن نُضيف إليه عنصراً جديداً وهو العلم الإجمالي، فهل تجري فيه القاعدة العملية الثانوية كما كانت تجري في موارد الشكّ البدويّ، أوْ لا؟
منجّزية العلم الإجمالي:
وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحليل العلم الإجماليّ إلى علمٍ بأحد الأمرين، وشكٍّ في هذا، وشكٍّ في ذاك.
ففي يوم الجمعة نعلم بوجوب أحد الأمرين «صلاة الظهر، أو صلاة الجمعة»، ونشكّ في وجوب الظهر كما نشكّ في وجوب الجمعة، والعلم بوجوب أحد الأمرين بوصفه علماً تشمله قاعدة حجّية القطع التي درسناها في بحثٍ سابق[1]، فلا يسمح لنا العقل لأجل ذلك بترك الأمرين معاً: الظهر والجمعة؛ لأنّنا لو تركناهما معاً لخالفنا علمنا بوجوب أحد الأمرين، والعلم حجّة عقلًا في جميع الأحوال، سواء كان إجمالياً أو تفصيلياً.
ويؤمن الرأي الاصوليّ السائد في مورد العلم الإجمالي لا بثبوت الحجّية للعلم بأحد الأمرين فحسب، بل بعدم إمكان انتزاع هذه الحجّية منه أيضاً واستحالة ترخيص الشارع في مخالفته بترك الأمرين معاً، كما لا يمكن للشارع أن ينتزع الحجّية من العلم التفصيليّ ويرخّص في مخالفته، وفقاً لما تقدم في بحث القطع[2] من استحالة صدور الردع من الشارع عن القطع.
وأمّا كلّ واحدٍ من طرفي العلم الإجمالي- أي وجوب الظهر بمفرده ووجوب الجمعة بمفرده- فهو تكليف مشكوك وليس معلوماً.
[1] تحت عنوان: العنصر المشترك بين النوعين
[2] تحت عنوان: العنصر المشترك بين النوعين