متهدّمة الجوانب- بالعزيمة على أن أُنجز جلّ هذه الحلقات في شهرين من الزمن.
و كان يحثّني باستمرار على الإسراع لكي يدشّن تدريسها في حوزته الفتيّة التي أنشأها بنفسه و غذّاها من روحه من مواطن آبائه الكرام، و خطّط لكي تكون حوزة نموذجيّة في دراستها و كلّ جوانبها الخلقيّة و الروحيّة، و لكنّك يا ربّ دعوته فجأة إليك، فاستجاب طائعاً و واللَّه ما عرفته خلال العشرين عاماً التي تتلمذ فيها عليّ و ترعرع إلى جنبي إلّاسريعاً إلى إجابتك، نشطاً في طاعتك، لايتردّد و لا يلين، لا يتوقّف و لا يتلكّأ، و واللَّه ما رأيته طيلة هذه المدّة غضب لنفسه، و ما أكثر ما رأيته يغضب لك و ينسى ذاته من أجلك.
أي ربّ إنّي إذا كنت قد عجزت عن مكافأة هذا الولد البارّ الذي كان بالنسبة لي و بالنسبة إلى أبيه معاً مثالًا فريداً للولد المخلص الذي لا يتردّد في الطاعة و التضحية و الفداء، و إذا كنت قد فجعت به و أنا في قمّة الاعتزاز به و بما تجسّدت فيه من عناصر النبل و الشهامة و الوفاء و الايثار و ما تكاملت فيه من خصال التقوى و الفضل و الايمان، و إذا كان القدر الذي لا رادّ له قد أطفأ في لحظة أملي في أن أمتدّ بعد وفاتي و أعيش في قلوب بارّة كقلبه و في حياة نابضة بالخير كحياته، فإنّي أتوسّل إليك يا ربي بعد حمدك في كل يسر و عسر أن تتلقّاه بعظيم لطفك و تحشره مع الصدّيقين من عبادك الصالحين و حسن اولئك رفيقاً، و أن لاتحرمه من قربي و لا تحرمني من رؤيته بعد وفاته و وفاتي بعد أن حرمت من ذلك في حياته، و أرجو أن لايكون انتظاري طويلًا للاجتماع به في مستقرّ رحمتك. و آخر دعوانا أن الحمدُ للَّه ربّ العالمين.