المقدّمات عقلًا؛ لأنّه يرى أنّ امتثال الواجب الشرعيّ لا يتأتى له إلّابإيجاد تلك المقدمات[1].
والآخر: أنّ الوضوء واجب شرعاً؛ لأنّه مقدمة للواجب، ومقدمة الواجب واجبة شرعاً، فهناك إذن واجبان شرعيّان على المكلّف: أحدهما الصلاة، والآخر الوضوء بوصفه مقدمة الصلاة. ويسمّى الأوّل ب «الواجب النفسي»؛ لأنّه واجب لأجل نفسه. ويسمّى الثاني ب «الواجب الغيري»؛ لأنّه واجب لأجل غيره، أي لأجل ذي المقدمة وهو الصلاة.
وهذا التفسير أخذ به جماعة من الاصوليّين[2] إيماناً منهم بقيام علاقة تلازمٍ بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته، فكلّما حكم الشارع بوجوب فعلٍ حكم عقيب ذلك مباشرةً بوجوب مقدماته.
ويمكن الاعتراض على ذلك: بأنّ حكم الشارع بوجوب المقدمة في هذه الحالة لا فائدة فيه ولا موجب له؛ لأنّه: إن أراد به إلزام المكلّف بالمقدمة فهذا حاصل بدون حاجةٍ إلى حكمه بوجوبها، إذ بعد أن وجب الفعل المتوقّف عليها يدرك العقل مسؤولية المكلّف من هذه الناحية. وإن أراد الشارع بذلك مطلباً آخر دعاه إلى الحكم بوجوب المقدمة فلا نتعقَّله.
وعلى هذا الأساس يعتبر حكم الشارع بوجوب المقدمة لغواً فيستحيل ثبوته، فضلًا عن أن يكون ضروريّ الثبوت كما يدّعيه القائل بالتلازم بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته.
[1] اختار هذ االتفسير جمع من الاصوليين، منهم: المحقق الايراواني في حاشيته على الكفاية. نهاية النهاية 1: 181 والسيّد الخوئي: محاضرات في اصول الفقه 2: 438
[2] منهمالمحقّق الخراساني في كفاية الاصول: 156. والمحقّق العراقي في نهاية الأفكار 1: 351 والمحقق النائيني في فوائد الاصول 1- 2: 284