وقد وضع بعض الاصوليِّين[1] قاعدةً عامّةً لهذا المدلول السلبيّ في اللغة، فقال: إنّ كلّ أداةٍ لغويةٍ تدلّ على تقييد الحكم وتحديده لها مدلول سلبي، إذ تدلّ على انتفاء الحكم خارج نطاق الحدود التي تضعها للحكم، وأداة الشرط تعتبر مصداقاً لهذه القاعدة العامة؛ لأنّها تدلّ على تحديد الحكم بالشرط.
ومن مصاديق القاعدة أيضاً: أداة الغاية، حين تقول مثلًا: «صُمْ حتّى تغيب الشمس»، فإنّ «صُمْ» هنا فعل أمرٍ يدلّ على الوجوب، وقد دلّت «حتّى» بوصفها أداة غايةٍ على وضع حدٍّ وغايةٍ لهذا الوجوب الذي تدلّ عليه صيغة الأمر، ومعنى كونه غايةً له: تقييده، فيدلّ على انتفاء وجوب الصوم بعد مغيب الشمس، وهذا هو المدلول السلبيّ الذي نطلق عليه اسم المفهوم. ويسمّى المدلول السلبيّ للجملة الشرطية ب «مفهوم الشرط»، كما يسمّى المدلول السلبيّ لأداة الغاية- من قبيل حتّى في المثال المتقدم- ب «مفهوم الغاية».
وأمّا إذا قيل: «أكرم الفقير العادل» فلا يدلّ القيد هنا على أنّ غير العادل لا يجب إكرامه؛ لأنّ هذا القيد ليس قيداً للحكم، بل هو وصف للفقير وقيد له، والفقير هو موضوع الحكم لانفسه، وما دام التقييد لا يعود إلى الحكم مباشرةً فلا دلالة له على المفهوم، ومن هنا يقال: إنّه لا مفهوم للوصف، ويراد به ما كان من قبيل كلمة «العادل» في هذا المثال.
[1] ذكر ذلك صاحب الكفاية في بحث مفهوم الغاية.( كفاية الاصول: 246) وكذا المحقق النائيني في بحث مفهوم الوصف( أجود التقريرات 1: 435)