القضية الحملية.
وأمّا الجملة الشرطية فهي تربط بين جملتين، وهما: جملة الشرط وجملة الجزاء، وكلّ من هاتين الجملتين تتحوّل بسبب هذا الربط الشرطيّ من جملةٍ تامّةٍ إلى جملةٍ ناقصة، وتكون الجملة التامة هي الجملة الشرطية بكاملها.
وإذا لاحظنا المثالين المتقدِّمَين للجملة الشرطية وجدنا أنّ الشرط في المثال الأوّل زوال الشمس، وفي المثال الثاني هو الإحرام للحجّ، وأمّا المشروط فهو مدلول جملة «صلِّ» و «لا تتطيّب». ولمّا كان مدلول «صلِّ» بوصفه صيغة أمرٍ هو الوجوب، ومدلول «لا تتطيّب» بوصفه صيغة نهيٍ هو الحرمة- كما تقدم- فنعرف أنّ المشروط هو الوجوب أو الحرمة، أي الحكم الشرعي، ومعنى أنّ الحكم الشرعيّ مشروط بزوال الشمس أو بالإحرام للحجّ: أ نّه مرتبط بالزوال أو الإحرام ومقيّد بذلك، والمقيّد ينتفي إذا انتفى قيده.
وينتج عن ذلك: أنّ أداة الشرط تدلّ على انتفاء الحكم الشرعيّ في حالة انتفاء الشرط؛ لأنّ ذلك نتيجة لدلالتها على تقييد الحكم الشرعيّ وجعله مشروطاً، فيدلّ قولنا: «إذا زالت الشمس فصلِّ» على عدم وجوب الصلاة قبل الزوال، ويدلّ قولنا: «إذا أحرمت للحجِّ فلا تتطيّب» على عدم حرمة الطِيب في حالة عدم الإحرام للحجّ، وبذلك تصبح الجملة الشرطية ذات مدلولين: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي.
فالإيجابيّ: هو ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط، ومدلولها السلبيّ هو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط.
ويسمّى المدلول الإيجابيّ «منطوقاً» للجملة، والمدلول السلبيّ «مفهوماً».
وكلّ جملةٍ لها مثل هذا المدلول السلبيّ يقال في العرف الاصولي: إنّ هذه الجملة أو القضية ذات مفهوم.