ولا توجد أيّ صدفة يمكن أن نشير إليها بطريقة غامضة وبصورة غير محدّدة تكون هي الأساس الحقيقي للعلم الإجمالي، كما كانت حادثة الوفاة التي نشير إليها بطريقة غامضة- باعتبارها الحادثة التي أخبر بها من لا يكذب- هي الأساس الحقيقي للعلم الإجمالي بأنّ إنساناً مات، ومن أجل هذا نلاحظ أنّ العلم الإجمالي بعدم وجود صدفة واحدة على الأقلّ على الخطّ الطويل لا يزول مهما فرضنا الشكّ في أيّ صدفة نشير إليها بطريقة غامضة أو محدّدة، بينما كان العلم الإجمالي بوفاة إنسانٍ مّا يزول إذا طرأ الشكّ في حادثة الوفاة التي أخبر عنها من لا يكذب.
الاعتراض الرابع [على أساس التشابه]:
نريد في هذا الاعتراض أن ندحض- أيضاً- فكرة وجود علم إجمالي قبلي قائم على أساس التشابه والاشتباه، أي نثبت أنّ ما يفترضه المبدأ الأرسطي من العلم بعدم وقوع الصدفة في مرّة واحدة على الأقلّ خلال عشر تجارب مثلًا، ليس علماً إجماليّاً قبليّاً قائماً على أساس التشابه والاشتباه.
ولكي تتّضح هذه المحاولة يجب أن نعرف ما يقصده المنطق الأرسطي من العلوم القبليّة، أي العلوم العقليّة المستقلّة عن الحسّ والتجربة.
إنّ العلم العقلي القبلي في المنطق الأرسطي قسمان:
أحدهما: يضمّ العلوم العقليّة الأوّليّة التي تشكّل المنطلقات الأساسيّة للمعرفة البشريّة.
والآخر: يضمّ العلوم العقليّة الناتجة عن تلك العلوم، وهي العلوم التي تحصل عن طريق البرهان المستمدّ من العلوم الأوّليّة.
والعلوم القبليّة في كلا القسمين تخضع جميعاً لشرط أساسي في المنطق