هذه القيمة بقدر ما يدعو الاحتمال الأوّل إلى تخفيضها.
فمثلًا: نفترض أنّ قيمة احتمال وفاة الانكليزي في سن الستّين: 2/ 1 على أساس نسبة تكرّر الوفاة في أبناء الستّين في الإحصاءات الرسمية، فإذا رجعنا بعد ذلك إلى الإحصاءات الرسمية ووجدنا في إحصاء آخر: أنّ نسبة الخطأ في الإحصاءات الرسمية هي: 10/ 1، فهذا يعني أنّ النسبة السابقة وهي 2/ 1 من المحتمل بدرجة 10/ 1 أن تكون خطأ، وذلك إمّا بأن تكون النسبة السابقة أكبر من النصف، وإمّا بأن تكون أصغر منه. فاحتمال الخطأ يعبّر- إذن- عن إمكانيّتين متعادلتين: إحداهما تخفض والاخرى ترفع، وبذلك تبقى قيمة احتمال وفاة الانكليزي البالغ ستّين سنة: 2/ 1، لا 2/ 1* 10/ 1.
المتراجعة غير المتناهية:
وأمّا فيما يتّصل بالمتراجعة غير المتناهية التي فرضها (رايخنباخ) ليستغني عن افتراض بداية للمعرفة، فنحن نؤمن بأنّ هذا غير ممكن، وأ نّه بدون بداية حقيقية للمعرفة لا يمكن أن توجد معرفة؛ لأنّ الاحتمال الذي يحدّد مثلًا معرفتنا بأنّ الرجل الانكليزي في سن الستّين يموت، إذا أخذناه بوصفه درجة تصديق- أي بوصفه معرفة-، فلا يمكن أن يفسّر إلّاعلى أساس نظرية الاحتمال- بالمعنى الذي تقدّم في الفصل السابق، ببديهياتها التي حدّدناها-، فلا بدّ في كلّ تطبيق لنظرية الاحتمال من افتراض معرفة سابقة بتلك البديهيات. وهذا يبرهن على أنّ تلك المعرفة تشكّل بداية للمعرفة، وقد مرّ بنا أنّ تلك البديهيات لا يمكن تطبيقها إلّاعلى أساس علم إجمالي، فلا توجد إذن معرفة احتمالية على أساس نظرية الاحتمال إلّاإذا كان هناك علم.