هل من الضروري أن يكون للمعرفة بداية؟

إذا كانت المعرفة الإنسانية مستنتجة بعضها من بعض بطريقة استنباطية أو استقرائية، فيجب أن تكون لهذه المعرفة بداية تتمثّل في معارف غير مستنتجة بأيّ صورة من صور الاستنباط أو الاستقراء؛ لأنّنا لو لم نفترض هذه البداية لواجهنا متراجعة لا نهائية، ولتوقّف التوصّل إلى معرفة على حصول عدد لا نهائي من المعارف، وبالتالي تصبح المعرفة مستحيلة.

محاولة (رايخنباخ‏[1]) للاستغناء عن البداية:

غير أنّ هناك محاولة قام بها بعض الباحثين للاستغناء عن افتراض هذه البداية من قبيل (رايخنباخ)، وتقوم محاولته هذه على أساس الفروض التالية:

أوّلًا: أنّ المعرفة الإنسانية كلّها معرفة احتمالية.

ثانياً: أنّ هذه المعرفة الاحتمالية تفسّر على أساس نظرية الاحتمال.

ثالثاً: أن يؤخذ (الاحتمال) في نظرية الاحتمال بمعنى التكرار، ويفترض أنّ نسبة التكرار في الماضي ثابتة في المستقبل.

فعلى أساس هذه الفروض يصبح أيّ احتمال معبّراً عن نسبة تكرار معيّنة، وتحديد تلك النسبة يقوم على أساس احتمالات هي بدورها تعبّر عن نسب‏

 

[1] جاء في ترجمته: هانز ريشنباخ(Hans Reichenbach ):( 1891- 1953 م): يهودي ألماني، حصل على الدكتوراه في( الاحتمال). اشترك مع« رودولف كارناپ» في إصدار مجلّة« العلم الموحّد» الناطقة باسم الوضعيّين المنطقيّين، وعُرف بإسهاماته في دراسة الاحتمال والاستقراء والمكان والزمان( لجنة التحقيق)