على هذا الأساس بكذبها وبوجود معرفة قبلية، وإن افترض أ نّها تقوم على أساس التجربة والخبرة الحسّية فيجب أن يعترف بأ نّها قضية محتملة فقط، ولا يمكنه أن يؤكّدها تأكيداً كاملًا؛ لأنّه يرى أنّ أيّ تعميم لمعطيات الخبرة والتجربة لا يمكن أن يحظى إلّابدرجة احتمالية من التصديق، وهذا يعني أنّ التجريبيين يحتملون أنّ المذهب العقلي على حقّ.
ما هو الأساس في تقييم معنى القضيّة؟
ولم يكتفِ المذهب التجريبي بالقول بأنّ التجربة والخبرة الحسّية هي المصدر الوحيد للمعرفة، بل مهّد لنشوء اتجاه يقول بأنّ الخبرة الحسّية هي الأساس في تكوين معنى القضية. فالقضية التي لا تخضع للخبرة الحسّية ليست فقط قضية غير ممكنة الإثبات، بل هي ليست قضية من الناحية المنطقية إطلاقاً، إذ لا معنى لها، فلا يمكن أن توصف بصدق أو كذب.
وقد أخذ المنطق الوضعي بهذا الرأي وبنى عليه استنتاجاته المنطقية.
وقد أشرنا- في الفصل السابق- إلى أنّ هذا المنطق يقدّم مبرّراً منطقياً لرفض قضايا السببيّة العقلية باعتبارها قضايا خاوية لا معنى لها، وسوف ندرس الآن وجهة النظر المنطقية هذه بصور عامّة:
مواقف ثلاثة لربط معنى القضية بالخبرة الحسّية:
وبهذا الصدد يجب أن نميّز بين ثلاثة مواقف مختلفة، كلّها تستهدف ربط المعنى بالخبرة الحسّية:
الموقف الأوّل: يقوم على أساس افتراض أنّ كلّ كلمة لا يمكن أن نجد لها مدلولًا في خبرتنا الحسّية، ليس لها معنى؛ لأنّ الطريق الوحيد إلى فهم كلّ كلمة