نقد موقف المنطق الوضعي:

ونعلّق على هذا الموقف من قضايا الرياضة بما يلي:
أوّلًا: إذا افترضنا أنّ قضايا الرياضة البحتة تكرارية كلّها، فهل يكفي القول بذلك لحلّ المشكلة، وتفسير الفرق بين القضية الرياضية وقضايا العلوم الطبيعية على أساس المنطق التجريبي؟
ونجيب على ذلك بالنفي؛ لأنّ من حقّنا أن نطالب المنطق التجريبي بتفسير الضرورة واليقين في القضايا التكرارية.
ولنأخذ القضية التكرارية النموذجية القائلة: «إنّ (أ) هي (أ)»، فإنّ مردّ اليقين بهذه القضية إلى الإيمان بمبدأ عدم التناقض، وهو المبدأ القائل: «إنّ النفي والإثبات يستحيل اجتماعهما»؛ لأنّنا لو لم نؤمن بهذا لكان من الممكن أن لا تكون (أ) هي (أ)، وإنّما كانت (أ) هي (أ) على أساس استحالة اجتماع النقيضين في وقت واحد.
وإذا عرفنا أنّ مبدأ عدم التناقض هو أساس الضرورة واليقين في القضايا التكرارية، فما هو تفسير الضرورة واليقين في نفس هذا المبدأ بالذات؟
ولا يمكن للمنطق الوضعي أن يجيب على ذلك بأنّ هذا المبدأ يشتمل على قضية تكرارية أيضاً؛ لأنّ القضية التي يعبّر عنها المبدأ إخبارية وليست تكرارية، والاستحالة التي يحكم بها ليست مستبطنة في اجتماع النقيضين، بمعنى أ نّنا حين نقول: «اجتماع النقيضين مستحيل» لا نستخرج هذه الاستحالة من نفس مفهوم اجتماع النقيضين؛ لأنّها ليست من عناصر هذا المفهوم. ولهذا كان قولنا ذلك يختلف عن قولنا: «اجتماع النقيضين هو اجتماع النقيضين»، وهذا الفارق المعنوي بين القولين يبرهن على أنّ القول الأوّل ليس مجرّد