الموضوع بوصف لم يكن مستبطناً في الموضوع نفسه. فإنّ الإنسان مثلًا بوصفه إنساناً ليس معناه أ نّه يموت، وسقراط بوصفه إنساناً معيّناً لا يعني أ نّه استاذ أفلاطون. فإذا قلنا: «إنّ كلّ إنسان يموت» أو «إنّ سقراط استاذ أفلاطون» كنّا نقرّر بذلك وصفاً جديداً للإنسان غير مجرّد أ نّه إنسان، ووصفاً جديداً لسقراط غير مجرّد أ نّه سقراط، وبذلك تكون القضية إخبارية تركيبية.
والقسم الآخر: القضايا التكرارية، وهي كلّ قضية تكرّر عناصر الموضوع بعضها أو كلّها، فلا تضيف إلى علمنا به شيئاً جديداً سوى إبرازها لتلك العناصر، بحيث تصبح مذكورة ذكراً صريحاً بعد أن كانت متضمّنة، نظير قولك: «الأعزب ليس له زوجة»، فإنّ هذا الوصف السلبي متضمّن في كلمة «الأعزب»؛ لأنّ الأعزب هو عبارة عمّن لا زوجة له من الرجال، فلم تضف هذه القضية إلى علمنا بالأعزب علماً جديداً، وبذلك تكون قضية تكرارية.
ففيما يتّصل ببحثنا الذي نعالجه الآن يحاول المناطقة الوضعيون من التجريبيين أن يدرجوا قضايا الرياضة البحتة والمنطق كلّها في القضايا التكرارية، ويفسّروا الضرورة واليقين فيها على أساس خلوّها عن الإخبار، وعقمها عن إعطاء معرفة بالموضوع. ففي الحقيقة الرياضية القائلة: «إنّ 1+ 1/ 2» لا نجد إلّا تكراراً عقيماً؛ لأنّ (2) رمز يدلّ على نفس ما يدلّ عليه (1+ 1)، فقد استخدمنا في هذه القضية رمزين متكافئين يدلّان على عدد معيّن، وقلنا: إنّ أحدهما يساوي الآخر، فهو في قوّة قولنا: «إنّ 2/ 2». وكذلك الأمر في أيّ قضية اخرى من هذا القبيل.
وأمّا قضايا الرياضة التطبيقية من قبيل بديهيات هندسة إقليدس، فهي تختلف عن قضايا الرياضة البحتة؛ لأنّها تشتمل على إخبار جديد ومعرفة جديدة. وأكبر الظنّ أنّ المناطقة الوضعيين يسلّمون بأ نّها قضايا إخبارية. فمثلًا: