بامتيازها الخاصّ ويقينها الذي تتميّز به عن قضايا العلوم الطبيعية، ما لم يسلّم بأ نّها ليست استقرائية، ويعترف بأ نّها قضايا عقلية قبلية.
وأمّا الموقف الثاني: فالمشكلة فيه تبدأ من إدراك الفرق بين قضايا الرياضة والمنطق، وقضايا العلوم الطبيعية، بصورة لا تسمح باتخاذ هذا الموقف.
الفروق بين قضايا العلوم الطبيعية وقضايا الرياضة والمنطق:
ويمكن تلخيص الفرق بين قضايا الرياضة والمنطق، وقضايا العلوم الطبيعية في النواحي الآتية:
1- إنّ قضايا الرياضة والمنطق تبدو يقينية، بدرجة لا يمكن أن نتصوّر إمكان الشكّ فيها، على عكس قضايا العلوم الطبيعية. فهناك فرق كبير بين «1+ 1/ 2» أو «أنّ المثلّث له ثلاث أضلاع» أو «أنّ اثنين نصف الأربعة»، وبين قضايا العلوم الطبيعية، نظير «إنّ المغناطيس يجذب الحديد» و «المعدن يتمدّد بالحرارة» و «الماء يغلي إذا صار حارّاً بدرجة مائة» و «كلّ إنسان يموت». فإنّ القضايا الاولى لا نتصوّر إمكانية الشكّ فيها بحال، بينما يمكن أن نشكّ في القضايا الطبيعية من النوع الثاني، مهما كنّا متأكّدين من صدقها.
فلو أنّ عدداً كبيراً من الناس، الموثوق بفهمهم وإدراكهم للتجارب العلمية، أخبرونا بوجود نوع من الماء لا يغلي بالحرارة، أو أنّ بعض المعادن لا تتمدّد بالحرارة، لتوقّف إيماننا بالقضية العامّة. بينما لا نستطيع أن نتصوّر الشكّ في الحقيقة الرياضية القائلة: «إنّ الاثنين نصف الأربعة» ولو أخبرنا أكبر عدد ممكن من الناس بأنّ الاثنين أحياناً يكون ثلث الأربعة!
2- إنّ تكرار الأمثلة والتجارب لا أثر له بالنسبة إلى القضية الرياضية، بينما يلعب دوراً إيجابياً كبيراً في القضايا الطبيعية. فنحن كلّما نجد أمثلة أكثر لتمدّد