على أساس الرأي الثاني.
وكانت أهمّ نتيجة ترتّبت على المذهب التجريبي هي القول: بأنّ بدايات المعرفة البشرية كلّها جزئية؛ لأنّ الخبرة الحسّية هي التي تشكّل بداية المعرفة.
والخبرة الحسّية لا تتّصل مباشرة إلّابحالة أو بعدد من الحالات الجزئية، وهذا يعني: أنّ أيّ قضية كلّية تتجاوز نطاق تلك الحالات التي دخلت في خبرتنا مباشرة، لا مبرّر لليقين بها ما دامت تتجاوز نطاق الخبرة الحسّية المباشرة.
وعلى عكس ذلك المذهب العقلي الذي يؤمن بمعارف قبلية، فإنّ بإمكانه أن يفترض اليقين بالقضية الكلّية، وتفسير ذلك على أساس المعارف القبلية.
وحينما ندرس المذهب العقلي والمذهب التجريبي، ونقارن بينهما، يجب أن نتّخذ مقياساً نقيّم في ضوئه هذين المذهبين. وهذا المقياس يتكوّن من الحدّ الأدنى المعترف به عموماً من درجات التصديق بقضايا العلوم الطبيعية وقضايا المنطق والرياضة. فهناك حدّ أدنى من درجات التصديق بهذه القضايا متّفق عليه- عادةً- بين العقليين والتجريبيين، فأيّ مذهب لا يستطيع أن يبرّر ذلك الحدّ الأدنى يتوجّب رفضه، وأيّ اتجاه ينسجم مع ذلك الحدّ الأدنى من التصديق- على الأقلّ- فهو اتجاه معقول في تفسير المعرفة البشرية.
وعلى أساس هذا المقياس سوف نقارن بين المذهبين:
أوّلًا: في ضوء الحدّ الأدنى من درجات التصديق المتّفق عليها لقضايا العلوم الطبيعية.
وثانياً: في ضوء الحدّ الأدنى من درجات التصديق المتّفق عليها لقضايا المنطق والرياضة.