لاحظناها- بتلك المساواة، ينشأ علم إجمالي يستوعب احتمالات وجود (ت) وعدمه في كلّ تلك الحالات، وتتجمّع نتيجة لهذا العلم قيم احتمالية كبيرة في محور واحد، وهو محور الفرضية الاولى؛ لأنّ كلّ الاحتمالات الممكنة بشأن (ت) تقريباً تتضمّن افتراض عدمه ولو في حالة واحدة على الأقلّ، وهذا يكفي لإثبات التلازم، وتكون القيمة المستمدّة عن هذا العلم لاحتمال التلازم حاكمة على قيمة الاحتمال القبلي، كما رأينا في التطبيق الأوّل للدليل الاستقرائي على سببية (أ) ل (ب).
وأمّا سلامة الطريقة التي يتمّ بموجبها استنتاج القضية النظرية، حينما يراد استنباطها من قضايا قبلية بمناهج الاستنباط: فتارة ينظر إلى هذه السلامة من زاوية الممارس لاستنباط القضية النظرية عند ممارسته فعلًا للاستدلال وتنسيقه للمقدّمات. واخرى ينظر إليها من زاوية شخص يريد أن يقيم ذلك الاستنباط، دون أن يعيش مراحله ويستوعب مقدّماته، وقد يكون هذا الشخص هو نفس الممارس في زمن متأخّر حينما يريد أن يقيّم استنباطه السابق.
أمّا من الزاوية الاولى، فهناك قناعة تحصل لدى الممارس للاستنباط عند ممارسته بأ نّه على صواب في اختيار المقدّمات المناسبة، واجتياز المراحل المتتالية في عملية الاستنباط، بمعنى أ نّه يتأكّد- عادة- بأنّ الاستنتاج سليم، وأنّ النتيجة تلزم من المقدّمات التي مهّدها لاستنباط تلك النتيجة منها، وأ نّه لم يُغفل شيئاً من المقدّمات التي يجب أن تساهم في استنباط النتيجة. وإذا كان الاستنباط يمرّ بمراحل حتّى يصل إلى إثبات القضية النظرية المطلوبة، فلا بدّ للممارس أن يتأ كّد من سلامة المراحل جميعاً، ويقتنع بأ نّه على صواب في انتقاله من كلّ مرحلة إلى المرحلة التالية.
وهذه القناعة لا تقوم على أساس الاستقراء، وإنّما هي قناعة مباشرة