«الكلّ أعظم من الجزء» من الأوّليات، أو إنّ القضية القائلة: «كلّ الزوايا القائمة متساوية» من الأوّليات، نعني: أنّ الكلّ بطبيعته يستلزم أن يكون أعظم من الجزء، وأنّ اشتراك الزوايا في صفة أ نّها قائمة يستلزم بطبيعته أ نّها متساوية.
فهناك- إذن- موضوع يستلزم بطبيعته صفة معيّنة، ولا ينفكّ عنها في أيّ حال من الأحوال. وعلاقة اللزوم الذاتي هذه بين الموضوع والمحمول، يمكن- من ناحية مبدئية- الاستدلال عليها استقرائياً، بأن نضع منذ البدء فرضيّتين:
إحداهما أن يكون ثبوت الصفة للموضوع ناتجاً عن استلزامه الذاتي لها، والاخرى أن يكون ثبوتها له ناتجاً عن سبب خارجي اقترن وجوده مع الموضوع فوجدت الصفة فيه نتيجة لذلك.
وموقفنا من هاتين الفرضيّتين يشبه تماماً موقفنا حينما نلاحظ وجود (ب) عقيب (أ)، فنواجه فرضيّتين: إحداهما: أنّ (أ) سبب ل (ب)، والاخرى: أنّ (ت) هو السبب ل (ب) وقد اقترن (ت) ب (أ) فأدّى ذلك إلى ظهور (ب) عقيب (أ). فالاستلزام الذاتي يوازي (أ) في ذلك الموقف، ونفي الاستلزام الذاتي وافتراض وجود سبب خارجي يوازي (ت)، في ذلك الموقف.
وفرضية الاستلزام الذاتي تعبّر عن افتراض واحد، وهو علاقة اللزوم والضرورة بين الموضوع والصفة، وعلاقات اللزوم والضرورة مفهومية دائماً تقوم بين المفهومين، فلا تعني فرضية الاستلزام الذاتي إلّاعلاقة لزوم واحدة قائمة بين مفهوم «الكلّ» ومفهوم «أعظم من الجزء»، أو مفهوم «الزوايا القائمة» ومفهوم «التساوي».
وفرضية عدم الاستلزام الذاتي تعني: أنّ ثبوت الصفة للموضوع نتيجة لتدخّل سبب معيّن في ذلك، وهذه الفرضية تعبّر عن افتراضات كثيرة جدّاً؛ لأنّ الشيء المحتمل كونه هو السبب لإيجاد الصفة بدلًا عن علاقة اللزوم، إذا كان هو