تفسير القضيّة الأوّلية والقضيّة الفطريّة
وإذا طرحنا الأصناف الأربعة من قائمة القضايا اليقينية الستّ، بقي في القائمة الأرسطية: الأوّليات والفطريّات. فما هو موقفنا من هذه القضايا التي يعتبرها المنطق الأرسطي قضايا يقينية ونقاط ابتداء في المعرفة البشرية، وإلى جانب ذلك يميّزها عن الأصناف الأربعة السابقة بأ نّها قضايا قبلية، أي أنّ العقل يدركها بصورة مستقلّة عن الحسّ والتجربة، وليس للحسّ والتجربة دور في تكوين المعرفة بهذه القضايا إلّاعلى أساس أنّ التصديق بكلّ قضية يتوقّف على تصوّر موضوعها ومحمولها. وقدرة الإنسان على التصوّر وليدة الحسّ والتجربة اللذين يتحفان الإنسان بصور ومعانٍ كثيرة تشكل لديه المادّة الأساسية لتصوّراته؟
إمكان الاستدلال استقرائياً على القضية الأوّلية والفطريّة:
والسؤال الأساس بهذا الصدد هو أ نّه: إلى أيّ مدى يمكننا أن نطبّق تفسيرنا الاستقرائي للمعرفة على هذه القضايا الأوّلية، ونفترض أ نّها قضايا استقرائية يتحكّم فيها الاستدلال الاستقرائي بكلتا مرحلتيه، كما يتحكّم في أيّ قضية استقرائية اخرى؟
وللجواب على ذلك يجب أن نعرف: أنّ القضية الأوّلية القبلية- في رأي المنطق الأرسطي- هي: القضية التي يكون محمولها ثابتاً لموضوعها ثبوتاً ضرورياً أوّلياً. وهذا يعني أ نّنا نواجه في كلّ الأوليّات والفطريات موضوعاً معيّناً يستلزم بدون أيّ سبب خارج عن ذاته محمولًا معيّناً. فإذا قلنا إنّ القضية القائلة: