وهذا لا يعني- بطبيعة الحال- أنّ اليقين الذاتي بهذه القضايا عند أيّ فرد يقوم على أساس هاتين المرحلتين للدليل الاستقرائي، إذ لا نشكّ في أنّ الإيمان واليقين الذاتي بالواقع الموضوعي للقضية المحسوسة مثلًا، يقوم عند كثير من الناس على أساس عدم التمييز بين مدلولها الذاتي ومدلولها الموضوعي، والاعتقاد الخاطئ بأنّ الإنسان في إدراكه الحسّي يتّصل بالواقع الخارجي مباشرة، كما أنّ اليقين الذاتي بالقضية التجريبية كثيراً ما تتدخّل فيه عوامل ذاتية وسيكولوجية بحتة، وكثيراً ما يعبّر عن توقّع يقوم على أساس العادة والمنبّهات الشرطية، فالطفل الذي يتوقّع أن يرتفع ما يحسّه من ألم الجوع إذا تناول الطعام، قد يكون مستنداً في توقّعه هذا إلى العادة وقوانين الاستجابة الشرطية.
وإنّما الذي نعنيه: أنّ التصديق الموضوعي بالقضايا التجريبية والحدسية والمتواترة والمحسوسة يقوم على أساس الاستدلال الاستقرائي، وتتحدّد درجته وفقاً لما يفرضه الدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية الاولى ومرحلته الثانية.