نفس العين الموجودة في أعماق الطبيعة قبل عمله‏[1]، ولذا كان يجب عليه إذا أشبع حاجته من الماء بذل الزائد للآخرين، ولا يجوز له أن يطالبهم بمال عوضاً عن شربهم وسقي حيواناتهم؛ لأنّ المادّة لا تزال من المشتركات العامّة، وإنّما حصل للمكتشف بعمله حقّ الأولويّة بها، فإذا أشبع حاجته كان للآخرين الانتفاع بها، فقد جاء في حديث أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله نهى عن النطاف والأربعاء، وقال: لا تبعه، ولكن أعره جارك أو أخاك‏[2]. والأربعاء: أن يسنّي مسنّاة فيحمل الماء فيسقي به الأرض ثمّ يستغني عنه. والنطاف: أن يكون له الشرب فيستغني عنه. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً أ نّه قال:

«النطاف شرب الماء، ليس لك إذا استغنيت عنه أن تبيعه جارك، تدعه له، والأربعاء المسناة تكون بين القوم فيستغني عنها صاحبها، قال: يدعها لجاره، ولا يبيعها إيّاه»[3].

والشيخ الطوسي في المبسوط يقرّر أيضاً ما ذكرناه، فيوضّح: أنّ علاقة الفرد بعين الماء علاقة حقّ لا ملك، بالرغم من أ نّه يملك في رأيه البئر، أي الحفرة التي حفرها وتوصّل عن طريقها إلى الماء. فقد قال: «إنّ في كلّ موضع قلنا: إنّه يملك البئر فإنّه أحقّ من مائها بقدر حاجته لشربه، وشرب ماشيته، وسقي زرعه، فإذا فضل بعد ذلك شي‏ء وجب عليه بذله بلا عوض لمن احتاج إليه لشربه، وشرب ماشيته .. فأمّا الماء الذي حازه وجمعه في حبّه، أو جرّته، أو كوزه، أو بركته، أو بئره- أي حفرة غير ذات مادّة- أو مصنعه، أو غير ذلك فإنّه لا يجب عليه بذل‏

 

[1] راجع الملحق رقم 9

[2] وسائل الشيعة 25: 419، الباب 7 من أبواب إحياء الموات، الحديث الأوّل

[3] راجع الملحق رقم 10