الصيارفة بدلًا عن استخدامها في الإنتاج المثمر، وقامت على أساس هذا التجمّع المصارف والبيوت الماليّة الكبيرة التي امتلكت زمام الثروة في البلاد، وقضت على أيّ مظهر من مظاهر التوازن في الحياة الاقتصادية.
[الموقف الإسلامي من مشاكل التداول بالنقد:]
هذا عرض سريع لمشاكل التداول أو المبادلة، وهو يوضّح بجلاء أنّ هذه المشاكل قد نبعت كلّها من النقد وسوء استخدامه في مجال التداول، إذ اتُّخذ أداة اكتناز وبالتالي أداة تنمية للملك.
وقد يلقي هذا ضوءاً على ما جاء في الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أ نّه قال:
«الدنانير الصفر والدراهم البيض مهلكاكم، كما أهلكا من كان قبلكم»[1].
وعلى أيّ حال فقد عالج الإسلام هذه المشاكل النابعة من النقد، واستطاع أن يعيد إلى التداول وضعه الطبيعي ودوره الوسيط بين الإنتاج والاستهلاك.
وتتلخّص النقاط الرئيسيّة في الموقف الإسلامي من مشاكل التداول فيما يلي:
أوّلًا: منع الإسلام من اكتناز النقد، وذلك عن طريق فرض ضريبة الزكاة على النقد المجمّد بصورة تتكرّر في كلّ عام، حتّى تستوعب النقد المكتنز كلّه تقريباً إذا طال اكتنازه عدّة سنين[2]. ولهذا يعتبر القرآن اكتناز الذهب والفضّة جريمة يعاقب عليها بالنار؛ لأنّ الاكتناز يعني بطبيعة الحال التخلّف عن أداء
[1] الاصول من الكافي 2: 316، الحديث 6، مع اختلافٍ في اللفظ
[2] وسائل الشيعة 9: 166، الباب 13 من أبواب زكاة النقدين مع الشرائط في كلّ سنة وإن بقي المال بعينه …، الحديث الأوّل