وثالثةً بما دلّ على أنّ عمد الصبيّ خطأ[1].

أمّا الاستشهاد بالأول فهو مبنيّ على أن يراد بكلمة «صغيراً» مجرّد تأكيدٍ وتوضيح، لا تقييد الصبيّ بقسمٍ خاصٍّ منه، وإلّا أمكن حمله على غير المميّز بمناسبات الحكم والموضوع، ويكفي الإجمال واحتمال ذلك؛ لعدم تمامية الإطلاق في عقد المستثنى للمميّز. هذا إضافة إلى سقوط الرواية سنداً[2].

وأمّا الاستشهاد بالثاني فيدفعه بقطع النظر عمّا تقدّم من المناقشة في سند الحديث‏[3]: أنّ ظاهره- بقرينة التقابل بين الرفع عنه والوضع عليه- أنّ المرفوع هو الآثار التحميلية، وهذا يشمل حجّية الإقرار؛ لأنّها أثر تحميلي، ولكنّه لا يشمل حجّية الإخبار عن النجاسة.

وأمّا الاستشهاد بالثالث فيرد عليه:

أوّلًا: أنّ ظاهر التنزيل إسراء حكم المنزل عليه للمنزل، فيختصّ بموردٍ يكون للخطأ بعنوانه أثر شرعي ليسري بالتنزيل إلى العمد، كما في باب الجنايات، ولا يشمل باب المعاملات ونظائره، الذي يكون الأثر الشرعيّ فيه دائراً مدار العمد وجوداً وعدماً، لا مدار عنواني العمد والخطأ.

وثانياً: بأ نّه لو سلّم أنّ المستفاد من ذلك تنزيل العمد منزلة اللاعمد فهذا إنّما ينفع في باب المعاملات لإبطال معاملة الصبيّ وعقده؛ لدخالة العمد والقصد فيه شرعاً، والمفروض أ نّه نُزِّل منزلة العدم، ولكنّه لا ينفع في محلّ الكلام؛

 

[1] وسائل الشيعة 29: 400، الباب 11 من أبواب العاقلة، الحديث 3.

[2] لأنّ في سندها عليّ بن يعقوب الهاشميّ الذي لم يثبت توثيقه.

[3] تقدّمت في الصفحة 36.