الثالث يتعيّن حمل الأمر بالرشّ على الاستحباب؛ لأنّ رشّ المكان المعلوم النجاسة ليس واجباً أو شرطاً في الصلاة فيه مع عدم سراية النجاسة ووجود مسجدٍ طاهرٍ للجبهة، فضلًا عن المكان المشكوك حاله.
نعم، لو حمل الأمر بالرشّ على الاحتمال الأوّل فلا بدّ من تكلّف قرينةٍ على نفي الوجوب.
وبالإمكان الاستناد إلى قرينتين في نفي الوجوب:
إحداهما: معتبرة العيص بن القاسم، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ قال: «نعم». وسألته هل يصلح بعضها مسجداً؟ فقال:
«نعم»[1].
والمناقشة فيها: تارةً بأنّ الملحوظ نفي المحذور من حيث كونها بيعةً وكنيسة، لا من حيثيةٍ اخرى، واخرى بأ نّها مطلقة قابلة للتقييد بالرشّ مدفوعة: بأنّ حيثية المعرضية للنجاسة لمّا كانت حيثيةً محفوظةً غالباً في فرض السؤال فلا معنى لعدم نظر الجواب إليها، إلّابأن يكون حيثياً بحتاً، وهو خلاف الظاهر.
والتقييد بالرشّ ليس عرفياً: إمّا لأنّ المنع المحتمل عرفاً إنّما هو بمعنى لزوم الرشّ، فكيف يقيّد ما هو بظاهره بديل هذا المنع بالرشّ؟!
وإمّا لأنّ مؤونة التقييد بهذا القيد الذي فيه عناية فائقة خارجاً أشدّ من مؤونة حمل الأمر بالرشّ على التنزّه.
الثانية: رواية حكم بن الحكم، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول وسُئِلَ عن الصلاة في البِيَع والكنائس، فقال: «صلِّ فيها، قد رأيتها ما أنظفها …
[1] وسائل الشيعة 5: 138، الباب 13 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1.