ولعلّ هذه الرواية من أقوى روايات الباب، مع أنّني لم أرَ من استدلّ بها في المقام، وفقرة الاستدلال فيها الجزء الأخير منها، حيث حكم الإمام عليه السلام بعدم الصلاة على الموضع القذر مع رطوبة الرِجل أو غير ذلك، حتّى لو كان الموضع قد يبس، ولكن بغير الشمس، ويتعيّن محذور ذلك في السراية، وحيث إنّ المفروض جفاف البول المساوق لزوال عين النجاسة فالسراية حينئذٍ تعني تنجيس المتنجّس الخالي من عين النجس إذا كان ملاقيه مرطوباً، وهو المقصود في المقام، وهذا الاستدلال تامّ، بل يمكن أن يقال بدلالة الرواية على تنجيس المتنجّس مطلقاً ولو كان متنجّساً بالواسطة، تمسّكاً بإطلاق قوله: «أو غير ذلك».
وبعبارةٍ اخرى: أنّ المراد ب «غير ذلك» ما كان منجّساً بالملاقاة، وحيث إنّ الرواية تثبت بالبيان السابق أنّ المتنجّس الأوّل ينجِّس فيكون لقوله:
«أو غير ذلك» إطلاق للمتنجّس الأوّل، فيثبت بالإطلاق أنّ الموضع القذر بملاقاة المتنجّس الأوّل منجّس أيضاً، وهو معنى أنّ المتنجّس الثاني منجّس أيضاً، وهكذا …
ولكن يندفع ذلك: بأنّ «غير ذلك» لا إطلاق فيه للمتنجّس الجامد الخالي من عين النجاسة؛ لأنّ الجامع المأخوذ هو القذر، حيث قال: «قذراً من البول أو غير ذلك»، وكون الموضع قذراً لا يشمل صورة ملاقاة الموضع لليد المتنجّسة الخالية من عين النجاسة حتّى لو قيل بالسراية؛ لأنّ السراية الحكمية لا تحقّق عنوان القذارة عرفاً، وحمل القذارة في قوله: «قذراً» على القذارة الحكمية عناية محتاجة إلى القرينة، خصوصاً أنّ مناسبات العاطف والمعطوف حين يذكر البول ويقال: «أو غير ذلك» تناسب أن يراد ما هو من قبيل البول من القذارات العينية، ولا أقلّ من احتمال ذلك بنحوٍ يوجب الإجمال، وعدم تعيّن إرادة مطلق النجس من كلمة «الغير» بعد وضوح عدم إرادة الغير على إطلاقه.