مفروغ عنه، حيث فرغنا في الجهة السابقة عن أنّ المائع مطلقاً، أو خصوص غير الماء المطلق منه يتنجّس بالمتنجّس، وإنّما البحث الآن في منجّسية المتنجّس الجامد للجامد، فيكفي فائدةً لأوامر غسل الآنية التخلّص عن محذور السراية في المائعات التي توضع في الإناء ويلاقيها، والذي هو أمر شائع في استعمالات الأواني في الأمراق ونحوها.
الوجه الثاني: لو قطعنا النظر عمّا تقدّم وافترضنا أنّ الآنية في معرض الملاقاة مع الجوامد لا المائعات فيمكن القول أيضاً بأنّ هذه الروايات لا تدلّ على أنّ الآنية تنجّس الجامد مطلقاً، بل تدلّ على أنّ التنجيس بمقدارٍ مصحّح للفائدة من الأمر بالغسل عرفاً، ويكفي لذلك افتراض التنجيس في حالة كون الرطوبة في نفس الآنية، بناءً على ما نقلناه عن السيّد الاستاذ[1] من: أنّ التنجيس في هذا الفرض مفروغ عنه، فاذا كان مفروغاً عنه حقّاً فليكن هذا المقدار كافياً لإخراج الأمر بغسل الآنية عن اللغوية، فلا موجب لإثبات التنجيس في فرض كون الرطوبة في الملاقي، الذي ادّعي أ نّه هو محلّ الكلام. نعم، إذا بني على عدم احتمال الفرق بين الصورتين عرفاً لم يتمَّ هذا البيان.
ومن جملة الروايات التي قد يستدلّ بها لإثبات تنجيس المتنجّس الجامد:
ما ورد من الأخبار في بيان كيفية غسل الفراش، من قبيل معتبرة إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا عليه السلام: الطنفسة[2] والفراش يصيبهما البول كيف
[1] التنقيح 2: 227، وراجع الصفحة 223 من هذا الجزء.
[2] الطِنْفِسة- بكسرتين في اللغة العالية، واقتصر عليها جماعة منهم ابن السكِّيت، وفي لغةٍبفتحتين-، وهي بساط له خمل رقيق، وقيل: هو ما يجعل تحت الرحل على كتفي البعير، والجمع طنافس، المصباح المنير( مادة الطنفسة).