أمّا أوّلًا: فلأنّ بعض القذارات المفروضة في مورد هذه الأوامر ليس ممّا تبقى‏ منه أجزاءٌ في الإناء عادةً، من قبيل الميتة الملاقية للإناء مثلًا.

وثانياً: لأنّ بعض هذه الروايات قد أمرت بالغسل مراراً، مع أ نّه لو كان النظر إلى مجرّد إزالة عين النجس وأجزائه، لا زوال النجاسة الحكمية، كفى‏ في ذلك الغسل مرّةً واحدة، حيث لا تبقى الأجزاء العينية العرفية عادةً بعد الغسلة الاولى.

وثالثاً: أنّ هذا على خلاف موضوعية عنوان الغسل، الذي هو الميزان دائماً لاستفادة النجاسة الحكمية، فإنّ حمل هذا العنوان على أ نّه مجرّد طريقٍ إلى إزالة الأجزاء العينية خلاف المتفاهم العرفيّ والفقهي.

هذا، ولكنّ التحقيق مع ذلك عدم تمامية الاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار على منجّسية المتنجّس الأوّل الجامد؛ وذلك لوجهين، يتمّ أحدهما مطلقاً وعلى جميع المباني، ويتمّ الآخر على مباني بعض الفقهاء كالسيّد الاستاذ[1]، على الرغم من استدلاله بتلك الطائفة.

أمّا الوجه الأوّل فحاصله: أنّ إثبات تنجيس الآنية بهذه الطائفة لم يكن بدلالةٍ لفظيةٍ كإطلاقٍ أو عمومٍ حتّى يتمسّك به، وإنّما كان بلحاظ قرينة الاقتضاء وصون كلام الشارع عن اللغوية العرفية.

ومن الواضح أنّ قرينة اللغوية ودلالة الاقتضاء لا تثبت المنجّسية المطلقة، بل مطلق المنجّسية، أي القضية المهملة التي هي في قوّة الجزئية، إذ يكفي ثبوت القضية الجزئية لإشباع هذه الدلالة.

وعندئذٍ نقول: إنّ ثبوت منجّسية الآنية في المقام بنحو القضية الجزئية

 

[1] التنقيح 2: 227.