فقهياً وعرفاً أن يكون المتنجّس بالمائع المتنجّس أشدّ تنجيساً وحالًا من المتنجّس بعين النجس. نعم، يحتمل الفرق بينه وبين المتنجّس الثاني وما بعده من الرتب، بأن يكون تنجّسه بالمائع سبباً لمزيد قذارته، ويشمل البحث فرض وجود الرطوبة في المتنجّس، كما يشمل فرضها في الملاقي له، خلافاً للسيّد الاستاذ الذي حصر الكلام بالفرض الثاني ونفى الإشكال في التنجيس في الفرض الأوّل.

والروايات التي يمكن أن يستدلّ بها على التنجيس في كلٍّ من هاتين الجهتين عديدة، نستعرضها فيما يلي مع الإشارة إلى الحدود التي يمكن أن تثبت بكلٍّ منها:

فمنها: روايات غسل الأواني، التي ورد فيها الأمر بغسل الإناء الذي شرب منه الكلب أو الخنزير، أو وقعت فيه الميتة[1]، أو غير ذلك‏[2]، وهي تختلف في درجة اهتمامها وتأكيدها على الغسل مرّةً واحدة، أو مرّتين، أو ثلاثاً، أو سبعاً، مع التعفير أو بدونه، حسب اختلاف مراتب القذارات الملاقية للإناء. وقد اعتبر البعض‏[3] هذه الطائفة العمدة في إثبات تنجيس المتنجّس الأوّل.

وتقريب هذه الدلالة: أ نّا لو نظرنا إلى حاقّ المدلول اللفظيّ المستفاد من هذه الطائفة فغاية ما يثبت بها كون عين النجس منجّسةً للإناء أو للمائع، وهو بدوره ينجّس الإناء؛ لأنّ هذه هي مرتبة الأواني التي ورد الأمر بغسلها إرشاداً إلى نجاستها وكيفية تطهيرها، وليس في ذلك ما يقتضي تنجيس المتنجّس الأوّل‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 418، الباب 13 من أبواب النجاسات، الحديث 1. و 516، الباب 70 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[2] وسائل الشيعة 3: 496، الباب 53 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[3] التنقيح 2: 227.