وإذا بني على أنّ المتنجّس يتنجّس وتجتمع النجاستان فلا يجري استصحاب النجاسة في نفسه، كما عرفت. وإذا بني على ذلك وعلى أ نّهما لا تجتمعان كان من استصحاب الكلّي من القسم الثاني، وفي حالات هذا الاستصحاب يكون استصحاب عدم الفرد الطويل، أو عدم سببه الشرعيّ حاكماً على استصحاب الكلّي، فيما إذا رتّب في دليلٍ عدم الكلّي على عدم الفرد الطويل ذاتاً أو سبباً، ولا تتمّ الحكومة بغير ذلك.
ففي المقام إذا استظهر من دليل الأمر بالغسل للدم أنّ مفاده حصول الطهارة وارتفاع كلّيّ النجاسة بالغسل المذكور- غاية الأمر يلتزم بأنّ عدم طروّ الملاقاة للبول مأخوذ في موضوع هذا الارتفاع- كان استصحاب عدم ملاقاة البول منقّحاً لموضوع حكم الشارع بارتفاع كلّي النجاسة بالغسل مرّةً، فيحكم على استصحاب النجاسة.
وأمّا إذا قيل بأنّ مفاد الأمر بالغسل مرّةً للدم هو الحكم بارتفاع النجاسة الدَمِية بذلك- وهو أمر ثابت على أيّ حالٍ، سواء لاقى البول أو لا- فلا يجدي استصحاب عدم الملاقاة للبول في نفي كلّيّ النجاسة، إذ لم يقع هذا النفي مفاداً لدليل ومترتّباً على موضوعٍ ليحرز تعبّداً بإحراز ذلك الموضوع.
كما لا يجدي حينئذٍ أيضاً الاستصحاب التعليقي، أي استصحاب أ نّه كان يطهر لو غسل مرّةً؛ لأنّ مفاد هذه القضية ليس مجعولًا شرعيّاً على هذا التقدير، وعليه فلا حاكم- على هذا التقدير- على استصحاب كلّيّ النجاسة.
لكن قد يستشكل في أصل جريان هذا الاستصحاب؛ لأنّ الأثر الشرعيّ كالمانعية ليس مترتّباً على صرف وجود النجاسة، بل هو انحلاليّ بتعدّد أفرادها، ولهذا يجب تقليل النجاسة مهما أمكن في حالات الاضطرار، فصرف الوجود ليس موضوعاً للحكم، واستصحاب القسم الثاني من الكلّيّ إنّما يجري فيما إذا