لإثبات وجوب التعدّد.
المقام الثاني: في تحقيق كبرى تنجّس المتنجّس، وحاصل ذلك: أنّ مقتضى‏ إطلاق أدلّة الانفعال هو: أنّ المتنجّس يتنجّس ثانيةً بالملاقاة، فلابدّ لإبطال هذا الإطلاق من إثبات؛ وذلك بأحد الوجوه التالية:
الأوّل: أنّ تنجّس المتنجّس ثانياً يلزم منه اجتماع المثلين.
ويرد عليه: أنّ محذور اجتماع المثلين إنّما يتمّ في الصفات الحقيقية والعرفية، لا في الاعتباريات، فقد ينطبق المحذور على القذارة الحقيقية العرفية فيمتنع اجتماع فردين منها، ولكن لا استحالةَ في وقوع مثل ذلك في القذارات الاعتبارية.
ولو قيل: بأنّ دليل اعتبار القذارة لسانه لسان التنزيل منزلة القذارة العرفية، فما لا يمكن افتراضه في القذارة العرفية لا يفي دليل التنزيل بإثباته.
قلنا: إنّ القذارة العرفية بنفسها قابلة للاشتداد، فليكن الأمر بالغسل عند الملاقاة إرشاداً إلى حدوث نجاسةٍ بالنحو المناسب مرتبةً أو ذاتاً، والاشتداد في الاعتبار وإن كان مستحيلًا ولكنّ تعلّق الاعتبار الشديد ممكن، كما لا يخفى‏.
الثاني: أنّ تنجّس المتنجّس ثانياً لغو ثبوتاً بعد الفراغ عن عدم تعدّد الغسل، وهذا لا يتمّ فيما إذا اختلفت الوظيفة، كما في المتنجّس بالدم إذا لاقى‏ البول.
الثالث: أنّ تنجّس المتنجّس ثانياً لا موجب له إثباتاً، ولو أمكن ثبوتاً؛ لأنّ الدليل دلّ على النجاسة بلسان الأمر بالغسل، ومن المعلوم عدم تعدّد الأمر بالغسل، وإلّا لاقتضى‏ تعدّد الغسل بتعدّد الملاقاة، ومعه لا كاشف عن النجاسات المتعدّدة.
والتحقيق: أنّ الأمر بالغسل باعتباره إرشادياً إلى النجاسة والتطهير، فمقتضى القاعدة فيه عدم التداخل في الأسباب مع التداخل في المسبّبات؛ لأن‏