مسألة (3): إذا وقع بعر الفأر في الدهن أو الدبس الجامدين يكفي إلقاؤه وإلقاء ما حوله، ولا يجب الاجتناب عن البقية. وكذا إذا مشى الكلب على الطين فإنّه لا يحكم بنجاسة غير موضع رجله إلّاإذا كان وحلًا.
والمناط في الجمود والمَيَعَان: أ نّه لو اخذ منه شيء: فإن بقي مكانه خالياً حين الأخذ وإن امتلأ بعد ذلك فهو جامد، وإن لم يبقَ خالياً أصلًا فهو مائع (1).
————-
(1) لا شكّ في أنّ المائع مفهوم مشكّك له مراتب، فلو فرض أنّ الحكم بتوسعة دائرة الانفعال وشمولها للجميع في المائع كان بتحكيم الارتكاز على دليل الانفعال، وتنزيل للدليل على المناسبات المركوزة فلابدّ من ملاحظة هذه المناسبات ومدى اقتضائها للتوسعة. نعم، لو كان ذلك حكماً تعبّدياً معلّقاً في دليله على عنوان المائع كان دائراً مدار صدق هذا العنوان.
وتفصيل الكلام: أمّا بلحاظ الارتكاز فقد اتّضح سابقاً أنّ نكتة السراية في المائع كون أجزائه ممّا ينفذ بعضها في البعض، ومن هنا يمكن أن يقال بأنّ التنجيس في الجامد والمائع يمتدّ على نحوٍ واحد، إذ يشمل الملاقي المباشر ودائرة صلاحية هذا الملاقي للانتشار والنفوذ، ولمّا كانت هذه الدائرة في الجامد لا تزيد على نفسه فلا سراية، ولمّا كانت في المائع تزيد عليه ثبتت السراية، ولمّا كان المَيَعان هو الميزان في توسعة هذه الدائرة فكلّما كان المَيَعان أكمل وأشدّ كانت دائرة السراية أوسع.
وهذا التحليل الارتكازي قد ينتهي بنا إلى ميزانٍ عمليٍّ كلّيٍّ واحد، وهو:
أنّ السراية إنّما تمتدّ إلى المقدار الذي يمكن عرفاً عزله وفصله عن الباقي، بحيث