الإناء بلا إشكال، مع أنّ الاتّصال هنا بين الماء والإناء حاصل قبل الملاقاة، كلّ هذا يوضّح أنّ المسألة غير مرتبطةٍ بكون الاتّصال قبل الملاقاة أو بعدها، بل هناك نكتة اخرى للسراية إذا وجدت سرت النجاسة، سواء كان الاتّصال قبل الملاقاة أو بعدها، وإذا لم توجد فلا سراية مطلقاً.
وتلك النكتة التي بتحديدها يتوضّح الجواب على هذه الشبهة أنّ الاتّصال والملاقاة بين النجس والجامد ليس إلّابلحاظ السطح المواجه للنجس والمماسّ له، لا السطح الآخر الملاقي للجزء الثاني من أجزاء الجسم الجامد. وبهذا يعرف السبب في عدم التنجّس عندما نقطّع أجزاء الجسم الواحد ثمّ نعيدها إلى هيئتها الاولى، والسبب في سراية النجاسة من المائع إلى الإناء عند تحوّله إلى خمر.
الثاني: وهو بيان أحسن من سابقه، وحاصله: أ نّنا حينما نفرض رطوبة الجسم الجامد بالمرتبة الثالثة من الرطوبة- التي اعتبرها جماعة[1] من الأعلام شرطاً في السراية- فمعنى ذلك أنّ طبقةً مائيةً لها جرم يفترض وجودها على الجسم المرطوب، فإذا لاقى النجس الجسم المرطوب فقد لاقى تلك الطبقة، فيحكم وفقاً لقاعدة السراية في المائعات بنجاسة تمام تلك الطبقة المائية، وإذا تنجّست كذلك تنجّس بها الجسم الجامد بتمامه؛ لأنّه بكلّ جزءٍ منه يلاقي جزءاً من تلك الطبقة المائية.
وهذا البيان لا يرد عليه شيء ممّا تقدّم، بل ينحصر وجه التخلّص منه بالرجوع إلى مسألة السراية في المائعات، وتحليلها على نحوٍ يقتضي إخراج هذه الصورة منها.
[1] مثل السيّد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى 1: 467، والسيّد الخوئي في التنقيح 2: 198.