المرطوب أيضاً فتسري النجاسة منه إليه، وكذلك الأمر في الثالث، وهكذا …
وقد أجاب السيّد الاستاذ على هذا البيان بجوابٍ يتأرجح بين دعويين، حيث إنّه في صدر التقريب كأ نّه يريد التمييز والتفرقة بين عنواني الملاقاة والاتّصال بين الأجزاء، وأنّ ما هو موضوع الحكم بالسراية الملاقاة، وهي غير حاصلةٍ إلّابلحاظ الجزء المماسّ للنجس. وأمّا الاتّصال الثابت في ما بين الأجزاء نفسها فهو ليس بموضوعٍ للسراية والتنجيس.
وفي آخر التقريب كأ نّه يريد مطلباً آخر: هو التفرقة بين الاتّصال قبل التنجّس بالملاقاة والاتّصال بعد ذلك، فيستشهد بالوجدان العرفيّ لإثبات أنّ ما هو المؤثّر في السراية الاتّصال بعد الملاقاة مع النجس، كما لو تنجّس جزء بالملاقاة للنجس ثم لاقى جسماً آخر. وأمّا الاتّصال الثابت بين الأجزاء قبل الملاقاة للنجس فليس بمنجّس.
وكلا هذين الجوابين غير واضح.
أمّا الأوّل فلأ نّنا لا نتعقّل فرقاً بين الاتّصال والملاقاة؛ لأنّ الملاقاة ليست إلّاعبارةً عن تلاقي الجسمين، وذلك لا يكون إلّابالاتّصال والمماسّة، فملاقاة جسمٍ لجسمٍ آخر من أيّ جهةٍ أو جزءٍ هي عين اتّصاله به في تلك الجهة أو الجزء.
وأمّا الثاني فلأنّ الاتّصال- بما هو اتّصال- بعد الملاقاة أو اتّصال قبل الملاقاة لا دخل له في السراية؛ لوضوح أ نّنا لو قطعنا الجسم الجامد المرطوب، كالخشبة التي لاقت الكلب- مثلًا- بجزءٍ منها وجعلناه قطعاً عديدةً، ثمّ أعدناها إلى هيئتها الاولى وأوصلنا بعضها ببعضٍ فلا تسري النجاسة إلى غير الجزء النجس مع أنّ الاتّصال هنا بعد الملاقاة.
كما أنّ المائع في داخل الإناء إذا انقلب إلى خمرٍ سرت النجاسة منه إلى‏