قيل بأنّ البخار لا يمكن أن يتنجّس.

وعليه فيمكن لصاحب التقريب المذكور أن يقول: بأنّ الذي يتنجّس بالنجس مباشرةً هو الجزء الصغير الذي يتحمّل النجاسة، ولا يقبل الانقسام إلى جزءين يتحمّلان النجاسة بالانفراد.

نعم، قد أورد المحقّق الهمداني قدس سره‏[1] اعتراضاً آخر على التقريب المذكور، حاصله: أنّ الذي يتنجّس- حتّى على فرض إمكان الجزء الذي لا يتجزّأ- هو سطحه الملاقي للنجس، والجزء الثاني إنّما يلاقي السطح الآخر من ذلك الجزء، وتنجّسه فرع سراية النجاسة إلى ذلك السطح، وهو بلا موجبٍ بدون ضمِّ الارتكاز، ومعه لا حاجة إلى هذه العناية، بل لماذا لا نعمل من أول الأمر الارتكاز في دليل الانفعال لتطبيقه على المائع كلّه؟

وهذا الاعتراض بالمقدار الذي يرتبط بردّ التقريب المذكور صحيح، إلّاأنّ ما فرَّعه قدس سره عليه- بأ نّه لو اريد إعمال الارتكاز فلنعمله بنحوٍ نثبت بنفس الملاقاة نجاسةً مستوعبةً للمائع كلّه- محلّ نظر؛ لأنّ تحكيم الارتكاز بنحوٍ ينتج توسعة النجاسة الحاصلة من الملاقاة وشمولها للجزء الأوّل بكلا سطحيه، أو للمائع بتمام أجزائه ليس جزافاً، بل لابدّ في تعيّن أحد الأمرين من ملاحظة المناسبات الارتكازية والعرفية لنجد مقدار اقتضائها، ولا يبعد أنّ المناسبات العرفية تقتضي الأوّل؛ لأنّ سراية القذارة الحكمية ليست في نظر العرف أمراً تعبّدياً، بل هي بلحاظ سراية أثر القذارة إلى الملاقي، كما هو الحال في القذارات العرفية.

وبهذا الاعتبار اشترطنا الرطوبة في السراية ارتكازاً، وحيث إنّ أثر القذر الملاقي لا معنى لسرايته إلى الجزء الثاني من المائع إلّابتوسّط الجزء الأوّل؛

 

[1] مصباح الفقيه 1: 93- 94.