المسرية مختصّةً بموضع الملاقاة منه فعدم سراية النجاسة إلى سائر أجزاء الجسم واضح؛ لأنّ السراية فرع الرطوبة المسرية. وإن كان الجسم كلّه مرطوباً برطوبةٍ مسريةٍ فلا تسري النجاسة أيضاً؛ لأنّ الظاهر أنّ الاتّصال بما أ نّه كذلك لا يكفي في الحكم بالنجاسة، وإنّما الموضوع للحكم بها الإصابة والملاقاة، وإصابة النجس مختصّة بجزءٍ من الجامد وغير متحقّقةٍ في الجميع.
ونلاحظ: أنّ هذا البيان لم يبرز وجهاً للفرق بين المائع والجامد يفسَّر على أساسه كون المائع شيئاً واحداً يطبّق عنوان الملاقي على تمامه، بينما لا يطبق في الجامد إلّاعلى الجزء المماسّ مباشرةً.
فبالنسبة إلى الجامد المرطوب كلّه: تارةً يتساءل أ نّه لماذا لم ينجس كلّه بنفس إصابة النجاسة لجزء منه؟
واخرى يتساءل لماذا لم تسرِ النجاسة من جزءٍ منه إلى جزءٍ آخر بالاتّصال؟
والبيان المذكور إنّما نظر إلى الجواب على التساؤل الثاني، ولم يجب على التساؤل الأوّل بإبراز فرقٍ بين المائع والجامد من هذه الناحية.
التقريب الثاني: أنّ ملاقاة النجس لا توجب إلّانجاسة الجزء الملاقي، غير أنّ هذا الجزء في الجامد يكون ساكناً فلا تسري منه النجاسة إلى غيره إلّا بعناية، بخلافه في المائع؛ لأنّ أجزاء المائع سيّالة متغلغلة فالجزء المتنجّس منه يسري ويتوزّع في المائع فينجس كلّه.
وهذا التقريب لو تمّ لاستغنى عن ضمّ الارتكاز، ولكنّه لا يفي بتفسير المقصود؛ لأنّ اللازم منه كون سراية النجاسة في المائع تدريجية، مع أنّ المقصود إثبات نجاسة المائع في آنٍ واحد، وستأتي تتمّة الكلام عن ذلك.
التقريب الثالث: أن يقال: إنّ دليل الانفعال في الجوامد والمائعات على‏