نعم، لو فرضنا المائع بنحوٍ لا يعتبر واحداً عرفاً كما في الماءين المختلفين بالسطح فالسافل حينئذٍ غير العالي؛ ولهذا لا نلتزم بسراية النجاسة إلى العالي لو لاقت النجاسة مع السافل.

وهذا التقريب لا يخلو من غموضٍ وتأرجُح، فهل يراد به الاستعانة بالارتكاز في مقام تطبيق الدليل، أو دعوى التفرقة بلحاظ حاق الدليل بدون ضمّ الارتكاز؟

فحين يقال: إنّ عنوان الملاقي في المائعات ينطبق على تمام المائع- بخلاف الجوامد- إن قصد بذلك أنّ عنوان الملاقي لغةً- وبقطع النظر عن عالم أدلّة الانفعال بالملاقاة- يقال على تمام المائع، ولا يقال على تمام الجامد، فهذا يعني تطبيق حاقّ الدليل بلا ضمّ الارتكاز.

ولكنّ مثل هذه الدعوى غريبة في بابها، إذ لا إشكال في أنّ عنوان الملاقي بالحقيقة لا ينطبق على الكلّ، لا في الجامد ولا في المائعات، وإنّما ينطبق على الجزء الملاقي خاصّة. وأمّا بلحاظ النظر المسامحيّ والعنائيّ فيطلق عنوان الملاقي على تمام الجسم، مائعاً كان أو جامداً، فيقال مثلًا: لاقت يدي ثوبك.

نعم، لو اعمل النظر العنائيّ في تطبيق عنوان الملاقي على المائع، والنظر الدقيق في تطبيقه على الجامد تمّت التفرقة. ولكنّ هذا لا وجه له إلّابتحكيم الارتكاز على دليل الانفعال، وبذلك يرجع هذا التقريب إلى تحكيم الارتكاز، ولا يعود تفسيراً للتفرقة على أساس حاقّ دليل الانفعال.

وبما ذكرناه ظهر الحال في ما هو ظاهر كلام السيّد الاستاذ دام ظلّه‏[1]، إذ أفاد أنّ الوجه في تنجّس كلّ المائع بالملاقاة وحدته، وأمّا الجامد: فإن كانت الرطوبة

 

[1] التنقيح 2: 199- 201.