ولا بدعوى: أنّ نجاسة الميّت بنفسها على خلاف الارتكاز، فحين تجعل النجاسة له خلافاً للارتكاز لا يأبى‏ العرف حينئذٍ عن أن تكون سراية النجاسة منه على نحو يختلف عمّا هو المألوف لديه؛ لأنّ المدّعى‏ ارتكاز كبرى أنّ النجاسة لا تسري من القذر إلّامع الرطوبة، وكون الصغرى غير مألوفةٍ لا ينافي ارتكازية الكبرى وشمولها لها.
بل بدعوى: أنّ المرتكز كبروياً هو إناطة السراية بالرطوبة في ملاقاة الأشياء النجسة التي تكون قذارتها بلحاظ الجانب المادّي منها، كالفضلات والدم والمنيّ، ونحو ذلك.
وأمّا ما حكم بنجاسته لنكتةٍ معنويةٍ واستقذارٍ معنويٍّ فلا يوجد هذا الارتكاز بالنسبة إلى نحو السراية منه، ومن ذلك ميّت الإنسان فإنّه لمّا كان غير مستقذرٍ عرفاً فالمفهوم من دليل نجاسته الشرعية أ نّه بنكتةٍ معنويةٍ، كنجاسة الكافر والمسكر، وعليه فلا يشمله الارتكاز المذكور.
وأمّا التقييد بعموم «كلّ شي‏ءٍ يابس ذكيّ» فقد يستشكل فيه بأنّ النسبة بين الدليلين العموم من وجه، فلا موجب للتقييد.
ويمكن الالتزام بالتقييد- ولو نتيجةً- إمّاللالتزام بالتعارض والتساقط والرجوع إلى الاصول النافية للسراية مع الجفاف. وإمّا للالتزام بتقدّم العامّ على إطلاق المكاتبتين؛ لأنّ عمومه بالوضع وإطلاقهما بمقدمات الحكمة. وإمّا لدعوى حكومة العامّ، فإنّه بوصفه دليلًا على اشتراط الرطوبة في السراية يكون ناظراً إلى أدلّة السراية، كما هو شأنّ دليل الشرطية بالنسبة إلى دليل المشروط، فيتقدّم عليها بالحكومة بملاك النظر.
ولا يتوهّم: أنّ العامّ حاكم على أدلّة السراية بملاك التصرّف في عقد الوضع، باعتبار أ نّه ينزّل اليابس منزلة الذكيّ الطاهر، فيخرج بذلك تنزيلًا عن موضوع دليل السراية؛ لأنّ هذا يندفع: بأنّ دليل السراية المتمسّك بإطلاقه في‏