ولكنّ ظاهر تلك الروايات إناطة السراية وعدمها بكون النجس في نفسه رطباً أو يابساً أو جافّاً، أي بقطع النظر عن الملاقاة بحيث تكون الملاقاة ملاقاةً للرطب أو لليابس، على أنّ فرض الرطوبة المسرية في الملاقي لا يلزم منه خروج النجس عن كونه جافّاً، إذ لا يلزم انتقال الرطوبة بما هي مسرية إلى النجس، وما لم تنتقل كذلك لا يخرج عن كونه جافّاً.
نعم، يمكن أن ينزَّل ما في تلك الروايات على الارتكاز ويقال بأنّ إطلاقها لفرض الرطوبة في الملاقي ساقط؛ لمنافاته للارتكاز القاضي بكفاية الرطوبة في أحد المتلاقيين، والذي يشكّل ما يشبه القرينة المتّصلة على أنّ النظر في إناطة السراية بالرطوبة إلى ما هو المركوز.
وعلى أيِّ حالٍ فقد يستشكل في حال هذه الرواية، ويقال بأ نّها ربّما تعارض بصحيحة زرارة، قال: سألته عن الرجل يجنب في ثوبه أيتجفّف فيه من غسله؟ فقال: «نعم، لا بأس به، إلّاأن تكون النطفة فيه رطبة، فإن كانت جافّةً فلا بأس»[1]، لدلالتها على أ نّه مع جفاف النطفة لا تسري النجاسة ولو مع رطوبة الملاقي.
وحمل نفي البأس في هذه الصحيحة على فرض عدم ملاقاة النطفة ليس عرفياً، وليس مناسباً للتفصيل بين فرض جفافها وعدمه، بل الأقرب من ذلك حمل ما ينافيها على التنزّه.
ولكنّ الصحيح: أنّ صحيحة زرارة معارضة بما لا يقبل الحمل على التنزّه، وهو معتبرة عمّار المعروفة في مطهّرية الشمس، إذ سأله[2] عن الشمس هل تطهّر
[1] وسائل الشيعة 3: 446، الباب 27 من أبواب النجاسات، الحديث 7.
[2] في المصدر: سُئل.