بين أجزاء الكلام يولّد نحواً من الإجمال الذي قد يمنع من التعويل عليه.

الرابع: معتبرة الفضل أبي العباس، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله، وإن مسّه جافاً فاصبب عليه الماء …»[1].

وقد استدلّ بها في المستمسك‏[2] على عدم السراية مع الجفاف، حيث لم يأمر الإمام عليه السلام بالغسل في فرض الجفاف، وكأنّ الاستدلال بها على ذلك مبنيّ على افتراض أنّ الصبّ بقرينة مقابلته للغسل المتقوّم باستيلاء الماء على الشي‏ء يراد به مرتبةً أدنى من الاستيلاء، وهي غير مطهّرة، فالأمر بها في فرض الجفاف دالّ على عدم السراية.

ويرد على ذلك: أنّ مقابلة الصبّ للغسل لا ينحصر وجهها بما ذكر، بل قد يكون بلحاظ اشتمال الغسل على شي‏ءٍ من الفرك والعصر، بخلاف الصبّ، بعد الفراغ عن كونهما معاً مساوقين لاستيلاء الماء؛ لأنّ ما هو أدنى‏ من ذلك لا يسمّى غسلًا ولا صبّاً للماء، ومن أجل ذلك أمر بالصبّ، وجعل مقابلًا للغسل في موارد لا شكّ في أنّ الشي‏ء الذي أمر بصبّ الماء عليه متنجّس، كما في معتبرة الحسين بن أبي العلاء، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن البول يصيب الجسد، قال: «صُبَّ عليه الماء مرّتين فإنّما هو ماء»، وسألته عن الثوب يصيبه البول، قال: «اغسله مرّتين»[3].

فأنت ترى أ نّه قوبل الصبّ على‏ البدن بالغسل في الثوب، مع أ نّهما نجسان معاً، ولابدّ من استيلاء الماء عليهما، وليس ذلك إلّابعناية أنّ الثوب بحاجةٍ إلى‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 414، الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[2] مستمسك العروة الوثقى 1: 466.

[3] وسائل الشيعة 3: 395، الباب 1 من أبواب النجاسات، الحديث 4.