الماء للشي‏ء المشهود بنجاسته سابقاً، فإنّ أركان الاستصحاب في عدم الإصابة ثابتة وجداناً، والحكم بالنجاسة فعلًا مترتّب شرعاً على موضوعٍ مركّبٍ من جزءين: أحدهما حدوث الملاقاة للنجس، والآخر عدم طروّ المطهّر، والأوّل يثبت بالبيّنة، والثاني بالاستصحاب.

وثانياً: بالتمسّك باستصحاب النجاسة الظاهرية المجعولة على طبق البيّنة، بناءً على أنّ مفاد دليل الحجّية جعل الحكم المماثل، فإنّ هذه النجاسة الظاهرية معلومة الحدوث وجداناً، وليست مقطوعة الارتفاع؛ لأنّ الحكم الظاهريّ يجعل بمقدارٍ مطابقٍ مع مقدار الحكم الواقعيّ المؤدّى‏ والمحكيّ بالأمارة، والبيّنة في المقام تحكي عن حدوث نجاسةٍ مستمرّةٍ إلى حين طروّ المطهّر، فالمجعول على طبقها نجاسة ظاهرية كذلك، فاذا شكّ في طروّ المطهّر فقد شكّ في بقاء تلك النجاسة المجعولة على طبق البيّنة، فيجري استصحابها.

وثالثاً: بإنكار موضوعية اليقين بالحدوث للاستصحاب، واستظهار كفاية نفس الحدوث في جريانه، على ما يظهر من التعليل في معتبرة عبد اللَّه بن سنان‏[1]. وتفصيل ذلك موكول إلى بحث الاستصحاب.

وأمّا الصورة الثالثة[2] فينبغي أن يفصّل فيها بين أن يكون الاختلاف في الزمان ناشئاً من تعدّد الواقعة المشهود بها، أو من الاختلاف في استذكار زمانها مع الاتّفاق على واقعةٍ واحدة.

ففي الحالة الاولى لا تثبت البيّنة على ما تقدّم، وفي الحالة الثانية تثبت بالبيّنة الواقعة الحسّية المدّعاة لكلا الشاهدين؛ لأنّ التعارض إنّما هو في استذكار

 

[1] وسائل الشيعة 3: 521، الباب 74 من أبواب النجاسات، الحديث 1.

[2] وهي صورة شهادة أحد الشاهدين بالنجاسة فعلًا، والآخر بالنجاسة سابقاً.