وأمّا لو شهد أحدهما بالإجمال والآخر بالتعيين، كما إذا قال أحدهما: «أحد هذين نجس» وقال الآخر: «هذا معيّناً نجس» ففي المسألة وجوه: وجوب الاجتناب عنهما، ووجوبه عن المعيَّن فقط، وعدم الوجوب أصلًا (1).
————-
(1) أمّا وجوب الاجتناب عن المعيَّن فقط فبدعوى: أنّ المعيَّن قامت البيّنة على وجوب الاجتناب عنه، فإنّ أحد الشاهدين شهد بنجاسته، والآخر شهد بنجاسة أحدهما، وهذا يستتبع وجوب الاجتناب عنهما معاً، فوجوب الاجتناب عن المعيَّن متّفق عليه بين الشاهدين، بخلاف الآخر.
ويرد عليه: أنّ وجوب الاجتناب الواقعيّ عن المعيَّن لا تستدعيه شهادة الشاهد بالإجمال أصلًا، ووجوب الاجتناب العقليّ بملاك المنجّزية عنه فرع تمامية البيّنة وقيامها على الوجوب الواقعي، فلا يمكن أن يكون مدلولًا لها ومحكيّاً بها.
وأمّا وجوب الاجتناب عنهما معاً فلأنّ الجامع مشهود به لأحدهما استقلالًا، وللآخر ضمناً، فتثبت النجاسة بمقدار الجامع، فيجب الاجتناب عن كلا الطرفين بمقتضى قوانين العلم الإجمالي.
وقد اعترض عليه السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه-: بأنّ الشاهد بالتفصيل شهادته على الجامع ضمنية تحليلية، وهي لا تكون معتبرةً بعد سقوط اعتبارها في المدلول المطابقي، ومنه يتّضح وجه القول بعدم وجوب الاجتناب عنهما معاً.
غير أنّ الصحيح هو التفصيل في المقام؛ ذلك لأنّ الشاهدين: إن كانا متّفقين
[1] التنقيح 2: 186- 187.